أو كان مشاهدا قبل البيع، مثل أن يكون لشخص هليلج وأملج ورآهما أحد، وتلف واحد منهما، ولم يعلم المشتري أو مع البايع أيضا التالف بعينه، فيشتري الموجود من غير حضوره.
أو لم يكن مشاهدا أصلا، بل كان معلوما بالوصف، مثل أن يكون هليلج و أملج لزيد، وذكرهما بالوصف لعمرو، وتلف أحدهما ولم يعلم التالف بعينه، وأريد بيع الموجود، فالبيع في الكل صحيح ما لم يكن فيه غرر.
وما قاله العلامة في التذكرة: من أنه لا بد من ذكر جنس المبيع أو مشاهدته عند علمائنا أجمع (1). فهو - مع كونه ظاهرا فيما يستلزم الغرر، حيث يستدلون عليه بأنه لولاه لزم الغرر - لا يدل على أزيد من مشاهدته، أو ذكره لوصفه ولو كان معه غيره أيضا، وفى كل من الصور الثلاثة يصدق ذكر الجنس المبيع أو مشاهدته. هذا مع ما في الإجماع المنقول من الوهن وعدم الحجية.
وقد صرح نفسه فيه: بأنه لو رأى ثوبين متحدين قدرا ووصفا وقيمة، ثم سرق أحدهما، ولم يعلم المسروق بعينه، يجوز بيع الباقي وإن لم ير ثانيا (2).
ثم إن هذا الذي ذكرناه هو القاعدة الكلية. وقد يستفاد من الأخبار في الموارد الجزئية: حكم آخر من الصحة، أو الفساد، فيتتبع حينئذ. هذا حكم عقد البيع.
وأما سائر العقود المملكة، كالإجارة، والصلح، والهبة، وأمثالها، فهي أيضا كالبيع في البطلان بالجهل إذا كان بحسب الواقع، أي: كان متعلق العقد مجهولا واقعا، كالصلح على أحد هذين الشيئين.
وأما في غير تلك الصورة، فليس حكم سائر العقود حكم البيع كليا، بل قد يختلف، كما في الصلح، وتحقيقه في جزئيات الفروع.