قلنا: لا دلالة لها أصلا، كما يأتي في بعض العوائد الآتية (1) إن شاء الله.
المقام الثالث:
في إثبات حجية الخبر المطلق، أي الخبر في الجملة على الوجه الذي لا يبقى فيه للمنصف الماهر شك وريبة، والمتعسف المكابر لا يجديه ألف دليل وحجة.
ولنا على ذلك المطلب الواضح السبيل وجوه من الأدلة:
الدليل الأول: أنه قد ثبت لك في العائدة السابقة: أن مجرى عادة الله سبحانه وحججه الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، في بيان تكليف العباد، وشرح الأحكام لهم، على طريقة متعارفهم ومعتادهم.
وأن كل ما جرت عليه عادة الناس في الإطاعة والعصيان، وعليه مدارهم وبناؤهم، فهو مبنى الإطاعة والعصيان في أحكام الله سبحانه - ولذا يسلكون معهم في استخراج المعاني من الألفاظ المسلك المتعارف في المحاورات - ويعد غيره عاصيا.
وبالجملة: الحجة لنا هو العلم العادي، أي ما علم اعتباره في عادة الناس.
ومما جرت عليه عادة الناس طرا من بدو العالم إلى هذا الزمان: أن كل مطاع في قوم له أحكام بالنسبة إليهم - بل كل شخص له أشغال وأمور مع جماعة - لا يطلب منهم في كل واقعة واقعة العلم، بل بناؤهم على قبول أخبار الثقات، سيما مع انضمام بعض القرائن المؤكدة للظن، سيما إذا كثرت الأحكام وتشعبت، وتعدد المحكومون وانتشروا.
هؤلاء السلاطين والامراء والحكام ينفذون الرسل إلى البلاد، ويكتبون المكاتيب التي هي أيضا أخبار كتبية إلى الناس، ويريدون العمل بها وبأقوال الرسل، ويحضرون الناس بإرسال شخص واحد لإحضاره، ويريدون إجابته،