عملهم مطلقا أو عند سد باب العلم أو عند تكثر الأحكام وتعدد المحكومين بالظن مطلقا، لا خصوص الخبر.
وبالجملة: نعلم أن بناء الناس في الإطاعة والعصيان، والأوامر والنواهي، لا ينحصر بالمعلومات القطعية، بل يعملون بالظنون القوية، إما مطلقا، أو مع انسداد باب العلم، أو تعسر العلم.
قلنا - مع أن المشاهد من أحوالهم، والمعاين من عاداتهم، هو الرجوع إلى الأخبار القولية والكتبية -: إنه لو سلمنا ذلك يثبت المطلوب أيضا.
أما أولا: فلأن مقصودنا - كما يأتي أيضا - هو الأخبار المفيدة للظن، لا كل خبر وإن لم يفد الظن، فبعد حجية الظن يثبت حجية الخبر الظني أيضا.
وأما ثانيا: فلأن كل من يقول بحجية الظن يقول بحجية الخبر المفيد للظن أيضا، ولا عكس، فبعد تسليم حجية الظن يثبت حجية الخبر المفيد للظن.
وأما ثالثا: فلأن حجية الظن تستلزم حجية الخبر; لما عرفت من كونه المظنون (1) الحجية، وحصول الظن بحجيته.
الدليل الثاني: تقرير المعصوم لنا بضميمة الحدس والوجدان.
فإنا نعلم قطعا أن جميع المكلفين من الرجال والنسوان والصبيان في أوائل البلوغ - سيما بعد انتشار الإسلام في البلاد النائية والقرى والبوادي، حتى بلاد العجم والترك - كانوا يعملون في أحكامهم ومسائل حلالهم وحرامهم بأخبار الثقات، ورواياتهم، وكتبهم، ورسائلهم، ومكاتيبهم. فالصبيان كانوا يقبلون أخبار آبائهم، والنسوان أقوال رجالهم، والعوام روايات علمائهم، وإن كانوا يتفحصون عن أحوالهم.
ونعلم قطعا أنهم لم يكونوا مقتصرين على المعلومات، فإن طرق العلم محصورة، وأكثرها للأكثر في الأكثر قطعا منتفية. فإن الشئ يعلم إما (2) بالعقل،