ولكن الكلام في معنى الميتة، فإنه يحتمل معاني ثلاثة:
الأول: ما خرجت روحه حتف أنفه خاصة، فتكون الميتة مقابل الحي والمقتول، كما هو الظاهر من كلام بعض المتأخرين في شرحه على المفاتيح (1)، مستدلا بما في تفسير الإمام عليه السلام، قال الله تعالى: * (إنما حرم عليكم الميتة) * (2) أي التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة من حيث أذن الله (3). وعلى هذا فيكون غير ما مات حتف أنفه باقيا على أصل الحلية والطهارة ولو لم يكن مذكى شرعا، و يحتاج في إثبات حرمة مطلق غير المذكى ونجاسته إلى دليل آخر.
والثاني: ما خرجت روحه مطلقا وإن كان بالتذكية، فتكون الميتة مقابل الحي، ويكون الأصل الطارئ في كل غير حي حرمته ونجاسته، إلا أن يدل دليل على خلافه كما في المذكى.
وعليه بناء بعض مشايخنا قدس سره، حيث استدل في شرحه على النافع (4) على حرمة الحيوانات البحرية ولو بعد الذبح بشرائطه، بعمومات ما دل على حرمة الميتة، واستدل له بأنها مشتقة من الموت الذي هو زهوق الروح، واستعمل الموت فيما خرجت روحه ولو بالقتل والذبح في الأخبار كثيرا.
والثالث: ما خرجت روحه بدون التذكية الشرعية، فتكون الميتة مقابل المذكى، وهو الظاهر من كلام الأكثر والمستفاد من تتبع كلمات الفقهاء.
وتظهر فائدة ذلك الاختلاف في مواضع غير محصورة: فإنه على الأول - كما مر - يكون الأصل في كل ما لم يمت حتف أنفه الحلية والطهارة، فتظهر الفائدة فيما شك في اشتراطه في التذكية من الشرائط، وفيما شك في ورود التذكية عليه، وفيما شك كونه تذكية شرعية، بل يكون الأصل في كل ما