قلنا: فان قال لك: كيف لم يحصل لك من الآيات الكثيرة في كتابي، والاخبار المتعددة المتجاوزة عن المائة في كلام حججي، ومن تصريح جماعة بالاجماع على حرمة العمل بالظن أو بغير العلم، ظن بعدم جواز متابعة الظن؟ وحصل لك الظن بحكمي من الحاق الشئ بالأغلب، أو كون التأسيس أولى من التأكيد، أو فتوى واحد مع عدم ظهور خلاف، أو إجماع منقول واحد من الذي يدعي الاجماع على المتضادين كثيرا؟! لا أدري ما يكون جوابك؟
سلمنا أنه يقبل عذرك ولا يؤاخذك، ولكن تكون مساويا في ذلك مع العامل بالأصل كما مر. وعدم المؤاخذة ليس دليلا على تعيين العمل ووجوب الانحصار. وكذلك لو عمل أحد بالاحتياط لا يؤاخذ به.
ولو كان عدم المؤاخذة دليلا على التعيين، لزم وجوب العمل بالظن قبل البعثة أيضا، وهو خلاف الضرورة.
ثم نرجع إلى ابتداء الكلام، ونقول: سلمنا أن العقل معزول، وحكمه غير مقبول، فهل ليست هذه الآيات والاخبار الغير المحصورة المشتملة على براءة ذمة من لم يعلم الشغل بعد الفحص، مفيدة لحجية الأصل بعد الفحص؟
وإن لم يفد جميع هذه، القطع بالقدر المشترك، فأي واقعة تكون متواترة معنوية؟
تأمل في نفسك؟ وعد وقائع حاتم ورستم التي تعلمها، وعد الآيات والاخبار المصرحة ببراءة ذمة غير العالم بعد الفحص، وانظر أيهما أكثر؟ فانظر هل يوجد لها معارض دال على أن مع الظن بالخلاف يحصل الشغل؟!
سلمنا عدم حصول العلم من جميع ذلك، فهل لا يكفي الاجماع القطعي؟
ولا شك أن العمل بالأصل عند عدم الدليل مجمع عليه فان قلت: لا نسلم الاجماع في صورة الظن بالخلاف.
قلنا: مع ثبوت حجية هذا الظن على العامل أو مطلقا؟ إن أردت الأول،