لا يفيد الاستيلاء شيئا، لأن جهة الاختصاص الثابتة بالاستيلاء غير معينة، و إرجاعها إلى ما يدعيه المستولي لا دليل عليه بخصوصه حتى يحمل عليه. والجهة الأخرى للغير ثابتة، فليس لها معارض معلوم ولا دافع كذلك.
فلو ادعى أحد استئجار شئ في يد غيره مدعيا هو أيضا أنه استأجره، تطلب البينة من المدعي، لأصالة الاختصاص بالمستولي، فإن جهة الاختصاص بينهما واحدة. بخلاف ما لو ادعى المالك عدم الإجارة، لأن ملكيته مختصة به، والمدعي يدعي الاختصاص الاستئجاري ولا دليل عليه.
وكذا لو ادعى أحد اختصاصه بشئ في يده، ويستولي عليه من جهة استحقاق منفعة بصلح أو نحوه، وادعى المالك عدمه، فلا يقدم قول المستولي، لثبوت جهة اختصاص للمالك وعدم ثبوت الاختصاص النفعي للمستولي.
فاحتفظ بذلك فإنه مفيد في كثير من المواضع.
الثامن: يشترط في دلالة اليد على الملكية احتمال كونها ناشئة من السبب المملك، فلو علم مبدؤها وعلم أنه ليس سببا مملكا، لا حكم لها، كيد الغاصب والودعي. وكما إذا كان هناك شئ لم يحتمل وجها شرعيا مملكا، وكما إذا أخذه المدعى بحضورنا وأثبت يده عليه، للإجماع، واختصاص الأدلة بغير ذلك.
ومن ذلك القبيل ما تداول في أكثر قرى بلاد العجم: من أخذ ماء الغير كل يوم في بعضه وإدخاله في حماماتهم مع عويل صاحب يوم الماء غالبا وعدم رضاه، ولا يعتني أرباب الحمامات بعدم رضائه، فقد تصحح أعمالهم بثبوت يد رب الحمام على الماء، مع أنه ليس له وقت معين على التحقيق من حيث المبدأ والمنتهى ولا قدر معين من المجرى، فإنه يختلف ما يأخذونه بقلة الماء وكثرته و قدر احتياج الحمام، ولا يدعي رب الحمام وقتا معينا ولا قدرا معينا، ولا يمكن تصحيح ملكية ما يأخذونه للحمام مع هذه الإبهامات بوجه شرعي لا يشترك فيه غيره في ذلك الوقت.