وإن كان من الأول، فإن دل دليل على إرادة تقييد من ذلك الإطلاق، يعني على أن مراده من اللفظ المطلق هو المقيد، فكالثاني أيضا، وإن كان ذلك الدليل هو نفس علة الحكم مطلقا.
كأن يستدل لإطلاق قبول شهادة الشاهدين أو خبر العدل بوجوب حمل قول المسلم على الصدق، فإنه قرينة على إرادة الشاهدين المسلمين أو العدل المسلم، أو يستدل له بأن المحسوس لا يحتمل الخطأ عادة، فإنه قرينة على إرادة الشهادة في المحسوسات.
ولو منع كونه قرينة، وجوز كونه استدلالا على بعض أفراد المطلق وإن كان الحكم عاما، لم يفد أيضا، لتساوي الاحتمالين، فلا يعلم إرادته الإطلاق.
ولو قيل: إن مقتضى أصالة الإطلاق وعدم التقييد لا يندفع بمجرد الاحتمال، لم يكن بعيدا أيضا، فيحكم بالإطلاق إلا إذا ضمت معه شهادة حال أو فهم عرف إرادة التقييد.
وإن لم يدل دليل على ذلك، يعني على أن مراده عن ذلك اللفظ المطلق هو بعض أفراده، فمع كون المصرحين بالحكم المطلق جمعا يحصل من اتفاقهم الإجماع، يتحصل من تصريحهم الإجماع على المطلق، سواء لم يعلل أحد من المجمعين الحكم بعلة، أو عللوه - كلا أو بعضا - بعلة تامة في نظر من يريد تحصيل الإجماع، أو غير تامة عنده، متحققة في حقه أو غير متحققة.
فالأول كأن يقول الكل: قول الشاهدين أو خبر العدل حجة واجب القبول، من غير ذكر دليل له.
والثاني، كأن يعللوه - كلا أو بعضا - بوجود نص صحيح صريح فيه، واصل إلى متحصل الإجماع، حجة عنده.
والثالث، كان يعللوه بعلة مستنبطة، أو رواية ضعيفة واصلة إلى مريد تحصيل الإجماع، وكانت غير حجة عند المحصل.
والرابع، كأن يعللوه - كلا أو بعضا - بنص صريح صحيح، ولم يصل النص