للأصل، فلا يجوز العمل، ولا القرعة، ولا الاختيار.
وذلك كما إذا حكم حاكمان متساويان في آن واحدا، متقارنين لمتداعيين، بحكمين مختلفين، كل لواحد مع غيبوبة الآخر - على القول بجواز الحكم على الغايب - وكون كل منهما مدعيا ومدعى عليه من جهتين، كادعاء الولد الأكبر شيئا من باب الحبوة والأصغر حصة منه من باب الإرث، وكان ثبوت الحبوة في ذلك الشئ مختلفا فيه، فلا يمكن التعيين حينئذ بالاختيار، وهو ظاهر، ولا بالقرعة، إذ لم يثبت من أدلة نفوذ حكم الحاكم ووجوب إمضائه واتباعه نفوذ ما تعارض فيه الحكمان المختلفان المتقارنان، أو نفوذ الحكمين معا محال، ونفوذ أحدهما لكونه مخالفا للأصل يحتاج إلى الدليل، وأدلة نفوذ حكم الحاكم غير جارية في كل منهما، لوجود المعارض له، وعدم ظهور أدلته في مثل ذلك، بخلاف ما إذا كان أحدهما مقدما، فإن حكم المتأخر باطل، وإذا اشتبه المتقدم والمتأخر، يرجع إلى القرعة، لأنها لكل أمر مجهول.
لا يقال: الأصل عدم نفوذ مثل ذلك الحكم أيضا، أي ما اشتبه فيه المتقدم.
قلنا: نعم إذا كان مشتبها بعد الفحص عنه والرجوع إلى أدلة تعيينه، ومن أدلته القرعة، لأنها لكل أمر مجهول، وقولهم: (كل أمر مجهول يتعين بالقرعة) 1 فلا اشتباه هنا، بل هو في حكم المعلوم تعيينه.
لا يقال: نفوذ حكم المتقدم بالقرعة موقوف على جواز القرعة فيه شرعا، و هو هو أيضا فرع نفوذ حكم المتقدم بالقرعة، إذ لو لم ينفذ حكمه يكون العمل به حراما.
لأنا نقول: التوقف الأخير ممنوع، بل جواز القرعة فرع شمول دليل القرعة لهذا المورد أيضا، وهو متحقق، ودليلها له شامل، لصدق المجهول عليه.
وظهر من ذلك: أن هذا الذي ذكر أخيرا من اختصاص العمل بالقرعة و جوبا أو جوازا، بما إذا لم يكن العمل مخالفا للأصل، مختص بالقسم الثاني دون