علم بناسخ القرآن ومنسوخه؟).
إلى أن قال: (فأما ما ذكرتم من إخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم، فقد كان مباحا جائزا ولم يكونوا نهوا عنه، و ثوابهم منه على الله عز وجل، وذلك أن الله - جل وتقدس - أمر بخلاف ما عملوا به، فصار أمره ناسخا لفعلهم، وكان نهي الله تعالى رحمة منه للمؤمنين).
إلى أن قال: (ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه، مفروضا من الله العزيز الحكيم، قال: * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * (1)، أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم، وسمى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا، وفي غير آية من كتاب الله يقول: * (إنه لا يحب المسرفين) * (2) فنهاهم عن الإسراف ونهاهم عن التقتير، ولكن أمر بين أمرين) (3). الحديث.
ويجاب عن الثاني: بظهور عدم صلاحيته لمعارضة الآيات والأخبار الغير العديدة (4)، مع أنه لا دلالة له على عدم تحقق الإسراف في الحق إلا بمفهوم اللقلب الذي ليس بحجة أصلا، بل لا يدل عليه بذلك المفهوم أيضا; لعدم معلومية كون الزائد عن الحد في سبيل الله حقا.
فظهر من جميع ما ذكر: أن معنى الإسراف في صرف المال المنهي عنه هو المعنى الأول، أي مجاوزة الحد، وهذا ظاهر جدا، بل كأنه إجماعي أيضا.
ولكن بقي الكلام في ذلك الحد الذي يتحقق الإسراف بالتجاوز عنه، وبيان ذلك التجاوز.