الفائدة الثالثة: قيل في مسألة قبول قول ذي اليد في النجاسة: وأما قبول قول ذي اليد فهو أيضا مما لم يظهر عليه حجة.
وتنزيل أقوال المسلمين وأفعالهم على الصحة والصدق لا يكفي، فان المراد من ذلك: حمل قوله على الصحة، يعني مظنون الصدق، ولا يلزم من ذلك أن يكون حجة على غير في إثبات حكم أو تكليف أو رفع شئ ثابت موافق لأصل البراءة.
والحاصل: أن أفعالهم صحيحة، وأقوالهم صادقة يعمل بمقتضاها، الا أن تكون معارضة بمثلها، أو موجبه لتكليف، أو مستلزمة لضرر على الغير. وكذلك تراهم لا يتعرضون لمن في يده شئ، أو تحته زوجة، أو غيرهما إلى أن يدعي عليه اخر، وحينئذ يحتاج إلى قواعد اخر في طي الدعوى.
ولعل من يحكم بالنجاسة غفل عن ذلك، لما رأى أن قوله ينزل على الصدق، وكذا فعله، بالنسبة إلى نفسه، فإذا اجتنب عن إنائه وقال: إنه نجس، ليس لأحد أن يردعه، ويقال: إن اجتنابه صحيح وقوله صادق، فحسب أن ذلك يثبت النجاسة الواقعية، حتى يلزم على غيره أيضا الاجتناب، وانفكاك الاحكام المتلازمة في نظر الظاهر في غاية الكثرة، ولا ضير فيه 1. انتهى.
وهو كلام مختل النظام، فان قوله: يعني مظنون الصدق، إن أراد أنه ليس على تنزيل أفعالهم وأقوالهم على الصحة والصدق حجة شرعية، وما يقولون من التنزيل يعنون: أنه مظنون الصدق، فهو نفي للتنزيل، ومناف لقوله بعد ذلك: أفعالهم صحيحة وأقوالهم صادقة يعمل بمقتضاها) إن لم يكن ذلك الظن حجة، ومناف لقوله: ولا يلزم من ذلك إلى اخر، إن كان حجة.