ولا يتوهم شمول قوله: (حكمنا) في المقبولة له; لان كون مثل ذلك من أحكامهم ممنوع جدا.
وأما قوله في التوقيع: (وأما الحوادث الواقعة) إلى آخره، ففيه أن الثابت منه وجوب الرجوع إليهم، وهو مسلم، والكلام فيما يحكم به الفقيه حينئذ، فإنه لا شك في أنه إذا ثبت عند الفقيه الهلال مثلا، وأفتى بوجوب قبول قوله فيه أيضا لكون فتواه كذلك، يجب القبول، وإنما الكلام فيما يفتي به.
ولا يدل الرجوع إليهم أنهم إذا قالوا: ثبت عندنا الهلال، يجب الصوم أو الفطر، بل هذا أيضا واقعة حادثة، فيجب الرجوع فيها، بأن يسئل عنه أنه إذا ثبت ذلك عندك فما حكمنا؟
والاجماع والضرورة أيضا غير متحقق فيه، والدليل العقلي المتقدم أيضا لا يجري في غيره; إذ مأخذ هذه الأمور ليس منحصرا بالأدلة الشرعية، الموجب وجوب التفحص عنها العسر والحرج أو التقليد.
إلا أن ما ذكرنا في القسم الثاني إنما هو من باب الأصل، ويمكن أن يوجد في مورد جزئي دليل على وجوب قبول قول الفقيه، كما استدل له في مسألة رؤية الهلال بصحيحة محمد بن قيس (1)، ولكنها غير تامة كما ذكرناه في موضعه.
الرابعة:
اعلم أن أهل زمان الغيبة بين مجتهد، وغير مجتهد.
ومرادنا من المجتهد: من كانت له ملكة الترجيح، وقوة الاستنباط من مظان الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
ولا شك في جواز التقليد للثاني، بل وجوبه فيما لم يحتط فيه، بل في أصل الاحتياط أيضا.
وأما الأول: فإما اجتهد في المسألة فعلا، أو لا.