فهنا أربع مقامات:
المقام الأول:
في إثبات جواز العمل بالأخبار في الجملة، أي بقول مجمل من غير تفصيل لما يجوز العمل به أنه الجميع أو البعض.
والدليل عليه من وجوه ثلاثة:
أحدها: أنه مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه: أن الأخذ بتلك الأخبار والعمل بها، أو ردها، أمر من الأمور وواقعة من الوقائع، فلا يخلو: إما يكون لنا في هذه الواقعة المعينة حكم باق من الشارع، يجب علينا امتثاله ولا يجوز لنا تركه - كما هو مقتضى قول من يقول بأن لنا في كل واقعة حكما، ومقتضى قول من يقول ببقاء التكاليف (1) - أم لا، بل لا حكم في هذه الواقعة لنا، وهي في حقنا مسكوت عنها مهملة.
فإن كان الثاني، فيجوز لنا العمل به قطعا، كما يجوز تركه بحكم ما مر في المقدمة الأولى.
وإن كان الأول، فيجب علينا تحصيل الحكم فيها وامتثاله لا محالة; فلا يخلو: إما أن تسلم أن ما نقيمه على حجيتها ووجوب العمل بها من الأدلة الآتية مفيدة للعلم به - كما هو مقتضى الإنصاف - أم لا.
فإن سلمت، فقد ثبت المطلوب.
وإن لم تسلمه، فلا شك أنه لا دليل قطعيا على حرمة العمل بها، بل لا يمكن وجوده مع ما ثبت في المقدمة الخامسة من ضرورة الظن بحجيتها لا أقل، فيكون باب العلم بحكمنا الباقي في هذه الواقعة - أي العمل بالأخبار - منسدا، وبعد انسداد باب العلم بالحكم فيها، وبقاء التكليف فيها، فلا مناص لنا من العمل