وظهر من ذلك: أن مقتضى القاعدة، أصالة عدم الخيار مع تعذر الشرط أيضا. وأنه لا إجماع عليه في جميع موارد الشرط وإن احتمل تحققه في بعض الموارد، ولكنه خارج عن مطلوبنا هنا، فإنه إذا دل دليل من إجماع أو غيره على ثبوته في بعض الموارد، يتبع ذلك.
والمقصود هنا: بيان الأصل، وأما ذكر حكم الجزئيات فبيانه في مطاوي الكتب الفقهية.
ثم إن ما ذكرناه إنما هو إذا لم يكن الشرط من باب التعليق، وأما إذا كان منه - أي شرط تعليق اللزوم على أمر حين العقد - بأن يكون مقصود المتعاقدين كون العقد متزلزلا موقوفا على إتيان المشروط عليه بالشرط باختياره، كأن يقول: بعتك هذا بمائة درهم تعطيها في رأس الشهر، بشرط خيار الفسخ مع عدم العطاء فيه، فلا كلام فيه وهو يرجع إلى شرط الخيار، ويجب الحكم به بمقتضى العمومات، وليس من الخيار الناشئ من الاشتراط.
فإن قيل تلك العمومات تعارض دليل لزوم العقد الذي يتضمن الشرط بالعموم من وجه.
قلنا: إذ لا ترجيح، فالأصل عدم اللزوم. فيثبت الخيار من هذه الجهة. هذا.
ثم إن سأل سائل: أنه قد ذكرت أن الشرط في العرف يطلق على الإلزام والالتزام، وعلى ما ينتفى المشروط بانتفائه، وعلى هذا، فإذا قال البائع مثلا:
بعتك هذا بدرهم بشرط أن تؤديه رأس الشهر، أو شرطت ذلك عليك، فيمكن أن يكون المعنى: ألزمته، وأن يكون: جعلته مما ينتفى استمرار العقد بانتفائه، فعلى أيهما يحمل؟
قلنا: وإن كان كل منهما محتملا، إلا أن العقد يكون باقيا على لزومه إذ إرادة كل من المعنيين بالنسبة إلى الأصل متساوية، وأصالة عدم وجوب الوفاء - كما هو مقتضى الأول - معارضة مع أصالة عدم ثبوت الخيار، كما هو مقتضى الثاني، فتبقى أصالة لزوم البيع باقية بحالها.