إنما يكون فيما يترتب عليها أثر، ويتبعها حكم لمن يشهدان عنده، أو لغيره، وأما ما ليس كذلك فلا معنى لقبوله وحجيته.
فلو شهد عدلان: بأنا أكلنا البارحة خبزا، أو رأينا ذئبا، أو كان الهواء في القرية الفلانية باردا، أو خربت دار زيد، من غير أن يترتب على هذه الأخبار أثر، لم يكن واجب القبول، ولا حجة، ولا معتبرا، إذ ليست تلك الأخبار موارد لهذه الأوصاف، وإنما هي عارضة لما يترتب عليه أثر.
ثم ذلك الأثر المترتب على شهادتهما، إما أثر مخصوص بمن شهدا عنده وأثر في حقه خاصة، أو مخصوص بغيره وأثر في حق الغير كذلك، أو أثر يعود إليه وإلى غيره.
فالأول: كأن يشهد عدلان عند أحد: أنك نذرت في العام الماضي أن تصوم شهرا مثلا، ولم يكن المشهود عنده متذكرا له، أو يشهد طبيبان عدلان عنده: أن علاجك منحصر في الخمر مثلا، أو أن الصوم يضرك.
والثاني: كأن يشهدا عنده: بأن زيدا اعترف باشتغال ذمته لعمرو بالمبلغ الفلاني، أو مات مورث فلان، أو علاج فلان منحصر بالخمر، أو يضره الصوم، أو نذر أن يصوم، أو أن يعطي دينارا لزيد.
والثالث: كأن يشهدا عنده برؤية الهلال، أو موت زوج المرأة الفلانية، فإن أثره في حق المشهود له جواز تزويجه المرأة، وفي حق المرأة كونها مختارة لنفسها، وفي حق ساير الرجال جواز تزويجهم إياها. أو أن ما في يد زيد مال عمرو، وأثره في حق زيد وعمرو ظاهر، وفي حقه حرمة ابتياعه من زيد، إلى غير ذلك.
فما كان من الأول يترتب عليه تمام أثره، ويجب على المشهود له العمل بما شهدا عنده إن كان مقتضاه واجبا، ويستحب إن كان مستحبا، وهكذا.
وما كان من الثاني لا يترتب عليه إلا ثبوت المشهود به عند المشهود عنده وصيرورته كمعلومه. وأما أثره المترتب عليه في حق الغير، فلا يترتب عليه أصلا إلا إذا كان المشهود عنده ممن يكون الثبوت عنده ومعلومه حجة على الغير، ويلزم