انظر إلى أنه لو صام أحد شهر رمضان واقتصر فيه على المعلومات، فأمسك من طلوع الفجر إلى استتار القرص، من الأكل والشرب بالطريق المتعارف، والانزال والجماع عمدا، والبقاء على الجنابة إلى غير ذلك. مما أجمع عليه، ولم يعتن مما اختلف فيه، فهل يخرج في كيفية الصوم عن الشريعة؟
وكذا في الصلاة لو طهر ثوبه الساتر للعورة المجمع عليها، والبدن عن النجاسة المجمع على نجاستها، وستر عورته القطعية، وتوجه إلى القبلة بعد الوضوء المشتمل على الغسلتين والمسحتين، والتكبير، والقراءة، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، والطمأنينة، والذكر الواجب، لم يكون خارجا عن الدين لأجل الصلاة لو لم يقرر حكما لبعض ما اختلف فيه لأجل عدم ثبوت حكم فيه.
فان قيل: المراد الخروج عن سيرة العلماء وطريقة الفقهاء.
قلنا: هل المراد العلماء الذين كان لهم باب العلم مفتوحا زائدا عما فتح لنا، أو ثبت لهم حجية ظن مخصوص، أو الذين لم يكونوا كذلك؟
فان كان المراد الأول، فما الضرر في خروج من لم يفتح له ذلك الباب، ولم يثبت له حجية ظن؟ كما أن العامل بالظن خرج عن سيرة أصحاب الأئمة لسد باب العلم، وتقول لا ضرر فيه وإن كان الثاني: فلا نسلم لزوم الخروج عن سيرتهم.
مضافا إلى أني لا أدري أنه من أين علم وجه فساد خروج شخص عن سيرة طائفة يختلف حاله مع حالهم؟
ألا ترى أن الشيخ في العدة والسيد في الذريعة وابن إدريس وابن زهرة 1 و غيرهم 2 صرحوا بأنه لو اختلف العلماء في مسألة أو مسائل على أقوال، ولم يعلم الحق منها، ولم يكن دليل على التعيين، يجب الحكم بالتخيير، مع أنه