تعيين الفقيه الذي يقلده من بين أصناف الفقهاء من الأصولي والأخباري، والحي والميت، والأعلم وغيره، والمتجزئ والمطلق. وطريق اجتهاده فيه سهل، لا صعوبة فيه، ذكرناه في منهاج تقليد الأموات من كتاب مناهج الاحكام (1)، ولم نذكره هنا; لخروجه عما نحن بصدده.
الثالثة:
مورد وجوب الافتاء والتقليد هو الذي يفهمه الفقيه من قول الشارع وينسبه إليه، ويستنبط إرادته من الأمور المتعلقة بالدين الفرعي، سواء كان حكما شرعيا، أو وضعيا، أو موضوعا، أو محمولا، أو متعلقا له، استنباطيا أو غير استنباطي من حيث هو موضوع أو محمول أو متعلق للحكم الديني، لا مطلقا و بالجملة كل ما يخبره من الأمور الفرعية الدينية.
مثلا: إذا استنبط الفقيه أن الخمر نجسة، وأن هذه الخمر هي العصير العنبي، وأن نجاستها عبارة عن كونها واجب الاجتناب في الصلاة، فيجب إفتاؤه بذلك، ويجب على مقلده تقليده في ذلك. فيقلده في تعيين الموضوع وهو الاختصاص بالعصير العنبي، وفي معنى المحمول وهو كونه واجب الاجتناب في الصلاة، و في الحكم وهو ثبوت المحمول للموضوع.
ولا يجوز للمفتي حوالة المقلد في فهم الخمر والنجاسة إلى العرف أو اللغة ولو كانا مخالفين لما فهمه، بعد فهمه أن مراد الشارع من الخمر النجس هو العصير العنبي، ومن النجاسة ما ذكر، إلا إذا استنبط أن مراد الشارع أيضا هو المعنى العرفي، فيفتي بأن الخمر العرفي نجسة عرفا.
ولو فهم المقلد من الخمر معنا عرفيا، لا يفيده في هذا المقام; إذ لعل للفقيه دليلا على التجوز، أو اختلاف العرفين، أو غير ذلك.
وإن علم المقلد أنه ليس للفقيه قرينة ولا دليل على هذا التعيين، وأن معه