وبعد ما حققنا سابقا من الأحكام تعرف أن لا عبرة بصلاة النافلة، ولا الصوم المستحب لو قيل بجوازه في السفر لظاهر النص، ولا فرق بين النافلة فيما كان مقصورة في السفر أم لا، والأمر في الثاني أظهر.
وخالف في الموضعين العلامة (1) والشهيد الثاني (2) (رحمهما الله)، وهو ضعيف.
الثاني (3): أن بقاءه مترددا في الأثناء حتى يمضي ثلاثين (4) يوما يوجب قطع السفر، ويجب عليه التمام حينئذ ولو صلاة واحدة. وهذا الحكم أيضا إجماعي على ما نقلوه، ويدل عليه الأخبار الكثيرة المعتبرة، وقد تقدم شطر منها.
وكون المسافر في بلد ثلاثين يوما مترددا أيضا أمر يرجع فيه إلى العرف في تحديد اليوم، وصدق المكث في الشهر كذلك، وعدم صدق الخروج منه، فإن الظاهر من الأخبار أن بقاءه في البلد المذكور بهذا الطريق، معتبر في التمام بعده.
ففي اعتبار التلفيق لو خرج فيما بين الثلاثين يوما من البلد إشكال، فالأظهر حينئذ اعتبار الثلاثين من الورود الثاني.
والحاصل: أن التردد في الثلاثين إنما يضر إذا كان في البلد، فإذا تردد في العزم بعد بلوغ المسافة ومع ذلك فهو يقطع الأرض فلا يمنع عن القصر وإن كان التردد أضعاف الثلاثين، فتدبر.
والأظهر اعتبار الثلاثين لا الشهر الهلالي، كما هو ظاهر المراد من أمثال هذه الموارد، كأحكام العدة والحيض والاستحاضة والحمل والفصل وغير ذلك. على أنه يمكن أن يقال بعد تسليم الاجمال بالاشتراك، وفي مثل هذا المقام نقول: إنه مجمل، والثلاثين مبين، فيحمل المجمل على المبين كما ذكره العلامة (5) (رحمه الله).
وأنت بعد خبرتك بما ذكرنا في إقامة العشرة تتنبه على جريان نظائر بعضها هاهنا أيضا، ولعلنا سننبه على بعضها أيضا.