لا دليل عليه هاهنا، وثانيا بعد التسليم يمنع بطلان الصوم كذلك إنما هو إذا كان مجموعه في السفر، فالإجماع المدعى فيما نحن فيه غير مسموع.
ثم إنه يرد على هذا الدليل أنه يثبت بطلان السفر بمجرد الشروع أيضا (1)، فإن الصوم قبل الزوال إما أن يكون صحيحا أو لا، وعلى الثاني فلا تأثير لكون الرجوع عن الإقامة بعد الزوال في صحة ما كان باطلا كما هو ظاهر فيثبت البطلان رأسا، وعلى الأول فيثبت القول الثاني وهو مختار العلامة (2) (رحمه الله).
وقد أجاب في روض الجنان عن هذا الإشكال بتسليم تحقق الأثر الموجب، وهو قصد الإقامة، ولكن لما كان قابلا للبطلان رأسا بعروض السفر قبل الزوال الموجب لبطلان الصوم فكان تأثير الجزء السابق على الزوال مراعا باستمراره إلى أن يزول الشمس، فإذا رجع عن النية قبله بطل الأثر وعاد إلى حكم السفر. ثم اعترض على ذلك بأن ثبوت حكم للسفر لا يقتضي ثبوته للرجوع عن الإقامة والذي يثبت بطلان الصوم به إنما هو نفس السفر قبل الزوال، ثم بذلك رجع عن التفصيل واختار مذهب العلامة (3).
ونحن نقول: أما الصوم فبمجرد الشروع قبل الرجوع عن القصد نحكم بصحته، ولكنها مراعى بالتمام قبل الرجوع عن القصد أو بفعل فريضة تامة قبله، وأما بدونهما فالإشكال باق في الصحة.
قال في المدارك: ولا يبعد تعين الإفطار أيضا وإن كان بعد الزوال إن لم ينعقد الاجماع على خلافه (4).
وأما الصلاة فيجب عليه التقصير بعد الرجوع إن لم يصل قبله فريضة تامة، سواء صام صوما تاما قبله أو كان في أثنائه ورجع عن القصد قبل الزوال أو بعدها وإن سلمنا وجوب إتمام الصوم ولو كان بعد الزوال أو قبله أيضا لصريح الصحيحة المتقدمة.