فيه في السنة ستة أشهر. وقال: يصدقه رواية محمد بن إسماعيل وساقها (1).
ولعل ذلك هو الوجه، فتكون هذه الصحيحة موضحة للأخبار الصحيحة المطلقة في الاستيطان.
وإنما هو للتقريب إلى الأفهام في التحديد لمصداق الاستيطان، فيمكن أن يكون بعنوان المثال، واختصاص الستة أشهر بالذكر لكون الغالب فيمن يكون له منزلان ذلك، كالأكراد والأعراب الذين لهم رحلتان في الصيف والشتاء، وعلى هذا فيجوز العمل على إطلاق الأخبار الصحيحة الباقية، والرجوع في ذلك إلى العرف.
فلعله يمكن أن يقال لمن كان له منزلين يسكن في أحدهما خمسة أشهر، وفي الآخر سبعة أشهر في كل سنة: إن هذا البلد الذي يسكنه خمسة أشهر يتم فيه، لأنه وطنه ويستوطن فيه.
ففي ما فهمه الأصحاب شيئان، الأول: الاقتصار بستة أشهر، وتقييد ظاهر الإطلاقات المعتبرة الكثيرة، مع عدم ظهور المخالفة لما ذكرنا. والثاني: الاقتصار لستة أشهر ولو مرة.
وفيه ما ذكرنا ولأنه خلاف مدلول الرواية، ولأن ذلك في الحقيقة طرح للمطلقات، لعدم تسمية ذلك وطنا ومستوطنا على الإطلاق كما لا يخفى.
وبالجملة: الاستيطان لا يحصل بمجرد التوطن ستة أشهر في عام، مع قطع النظر عن البقاء فيه دائما، ومع اعتبار ذلك لا ينحصر في اعتبار الستة، إلا أن يدعى الحقيقة الشرعية في الاستيطان، أو أنه مجاز وكان هذا قرينة له، مع أنه بهذا لا يتم المطلوب أيضا.
وأما صحيحة سعد بن أبي خلف (2) فهو وإن لم يتضمن التكرار ولا يدل عليه لكنها غير ناهض على مطلوبهم.