لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك وبين شهر، فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة (1).
وجه الدلالة أنه (عليه السلام) علق عدم جواز القصر بعدم الخروج، ومفهومه جواز القصر إذا صدق الخروج.
ولكن ظاهر الخبر أن المراد الخروج إلى السفر، فالأوجه في الاستدلال ما ذكرنا.
ثم إن قلت: إن الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب من أن قصد الإقامة قاطعة للسفر، وأن القصر بعد ذلك يحتاج إلى إنشاء سفر جديد، وقد صرح بذلك كثير منهم. نعم يظهر من العلامة والشهيد خلاف في ذلك في الجملة وستعرف، فلو كان مقصد المسافر نهاية عشرين فرسخا وأقام على رأس الستة عشر فرسخا عشرة أيام، فلا يجوز له القصر في الأربعة فراسخ الباقية لقصره عن حد المسافة.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن القول بأن الخروج عن بلد الإقامة عرفا، أو بحد يبلغ موضع الترخص يوجب الرجوع إلى التقصير كما ظهر من الشهيد الثاني (رحمه الله) أنه قول الأكثر، وأن مخالفه شاذ، ليس يصح على الإطلاق، ولا يجتمع مع اشتراط القصر بإنشاء السفر الجديد، ففي المثال المذكور لو خرج يوما من أيام الإقامة إلى خارج بلدها، ورجع ليومه فلا بد من القول بوجوب التمام، بخلاف ما لو كان مقصد المسافة نهاية أربعة وعشرين فرسخا، وأقام في الموضع المتقدم وفعل ما تقدم، فعلى ما ذكر من الاشتراط يجب عليه القصر.
فإذن يتجه التفصيل في هذه المسألة بأن نقول: لو خرج عن بلد الإقامة وقصد الرجوع والإقامة المجددة في ذلك الموضع، أو كان منتهى سفره أقل من المسافة المعتبرة، أو كان مترددا غير عازم لمسافة ولا للإقامة المجددة، فيجب عليه التمام لانتفاء الشرط، وهو تجديد العزم بسفر جديد، وبدون ذلك يجب القصر.
فما وجه عدم الترتيب في هاتين المسألتين ولا التصريح بابتناء أحدهما على