ويمكن تأييد التمام بملاحظة تتبع الأخبار، وإطلاق كلام الفقهاء، وظهور إطباقهم، وعدم ظهور عمومات ما دل على وجوب القصر على المسافر، وإنكار عمومها إلى هذا المقدار، سيما بعد ملاحظة اشتراط القصر بعدم الإقامة في الجملة، واحتمال الاشتراط مطلقا لو لم نقل بالظهور، فلا يثبت حكم ما بعد الإقامة منها، ولأن التمام هو الأعم الأغلب، فكأنه الأصل في الصلاة، فتأمل.
وأما الأصول والقواعد فقد عرفت حالها سابقا بالتفصيل.
ومع ذلك كله فلا يخلو المسألة عن شوب الإشكال.
ولعمري قد أرى في هذه المسألة العجب العجاب، حيث كانت مما تعم به البلوى، ومما لابد أن يكون مطرح أنظار العلماء، ومطمح أفكار الأذكياء، ولابد أن يكون كلماتهم في ذلك من الظهور كالشمس في رابعة السماء، ومع ذلك فقد أجملوا الكلام في ذلك إجمالا، ولم يزيدونا إلا إشكالا وإعضالا، ومع ذلك فأجرهم على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وبالجملة: فالذي يظهر في نظري القاصر رجحان ما للتمام، لكن ليس بحد أتكل عليه وأفتي به، فلا تترك الاحتياط، فإنه سبيل النجاة، والمندوب إليه من الهداة الولاة.
الرابعة: لا فرق في نية الإقامة فيما لو كان في بلد أو بادية أو بحر أو غير ذلك، خلافا للشافعي في أحد قوليه (1)، ومستنده ضعيف، فيجب التمام في جميع ذلك.
ويكفي نية الإقامة عشرة أيام وإن أضمر عدم المكث بعدها ولو ساعة، ولا يضره المكث أزيد من ذلك مع ذلك، ولا عروض البداء قبل تمام العشرة.
وتحديد الموضع الذي يقام فيه أيضا من جهة العرف، فلو عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية ولم يعزم على الإقامة في واحدة منها المدة التي تبطل حكم السفر فيها لم يبطل حكم سفره، لأنه لم ينو الإقامة في