الآخر، ولا بد من تقييد إطلاقهم ذلك باشتراطهم هذا، وإلا لتناقض، بل لا معنى للتقييد أيضا.
قلت: موضوع المسألتين مختلف، ولا أراك بعد التأمل في تضاعيف ما ذكرنا في هذه المسألة يختفي عليك عدم ورود هذا البحث، إذ المسألة التي ذكرناها ونقلنا فيها كلام الشهيد الثاني (رحمه الله) موضوعها ناوي الإقامة، ومرادهم في تأثير الخروج في القصر وعدمه هو تأثير نية الخروج، فالمختار هاهنا هو ما ذكرنا من أنه إذا صدق عليه عرفا أنه ناوي مقيم العشرة فيتم، وإلا فيقصر، فحينئذ يكون القول المردود الذي رده الشهيد الثاني (رحمه الله) هو القول بأن من نوى نية المقام وكان مع نيته قصد الخروج إلى مقدار حد الترخص أيضا في الأثناء فلا يجوز له التقصير، لأنه ليس ناويا للإقامة عرفا، ولكن تحديد ذلك بالعرف كما حققناه لا بحد الترخص، والذي يشهد بما ذكرنا ملاحظة تضاعيف كلماتهم.
فقال الشهيد (رحمه الله) في البيان: ولو كان من نيته في ابتداء المقام الخروج لم يتم إلا أن يكون بحيث لا يخرج عن محل الترخص (1).
وينادي بما ذكرنا من أن مرادهم في هذه المسألة حكم نية الإقامة لا نفس الإقامة، كلام للمحقق الورع المتقي قدس لطيفه في شرح الإرشاد، فراجع كلامه (2). ويؤيد ذلك ما سننقله من روض الجنان، فلاحظ وتأمل.
وموضوع المسألة الثانية هو نفس الإقامة، ومرادهم أن من نوى الإقامة في بلد عشرة أيام وصدق عليه أنه ناو لها واستقر رأيه على الإقامة المذكورة بدون تشريك قصد الخروج مطلقا، أو ما يضر بالتمام فحينئذ لو عن له الخروج في الأثناء إلى أقل المسافة فحكمه الاستمرار على التمام، لأن نية الإقامة الصحيحة المعتبرة قائمة مقام التوطن في أنه يحتاج الرجوع إلى القصر إلى قصد مسافة معتبرة في التقصير جديدة.