إلى ما دون المسافة، فان عزم العود والإقامة أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد (1).
وقال الشهيد الثاني (رحمه الله) في روض الجنان: إن هذه المسألة موضع وفاق، وعلل ذلك بانتفاء الموجب وهو قصد المسافة وانقطاع السفر الأول بالإقامة، قال: وإنما وقع الخلاف فيما لو لم يعزم على العود وإقامة عشرة مستأنفة، أما مع العود لا مع الإقامة أو مع عدمهما أو لتردده فيهما أو في أحدهما أو مع ذهوله عن ذلك فالمصنف (رحمه الله) أوجب القصر في الجميع من حين خروجه لبطلان حكم البلد بمفارقتها، فيعود إليه حكم السفر، بل هو مسافر بالفعل (2).
أقول: وقال في التذكرة: ولو نوى إقامة عشرة أيام في بعض المسافة انقطع سفره، فإذا خرج إلى نهاية السفر، فإن كان بين موضع الإقامة والنهاية ثمانية فراسخ قصر وإلا فلا (3).
ثم قال في روض الجنان: وفصل الشهيد (رحمه الله) فأوجب القصر، كما اختاره المصنف، مع عدم قصد العود إلى البلد، والإتمام ذاهبا، والقصر راجعا إليه إن قصده، أما الإتمام ذاهبا فلما مر من أن الإقامة يقطع السفر ويفتقر بعدها إلى قصد المسافة ولم يحصل، لأن الفرض، كون الخروج إلى ما دون المسافة، وأما القصر في العود فلأنه قاصدا إلى بلده في الجملة إما في هذا السفر أو في سفر آخر، والحال أنه لم يقصد الإقامة عشرا، واختلف كلامه في الموضع الذي قصده دون المسافة (4). ثم بين اختلاف كلامه في كتبه في ذلك الموضع، ولا فائدة في ذكرها.
فنقول: إن هذه المسألة ليست مما يثبت بإجماع أو نص بالخصوص، فإنا لم نقف في المسألة على إجماع منقول سوى ما ظهر من كلام روض الجنان، ولا نص في الأخبار بخصوص المورد، وإنما هذه المسألة من متفرعات مسألة ناوي الإقامة.
فنقول حينئذ بعد وضع مورد الاجماع: إنه قد ثبت من الآية والأخبار وجوب التقصير على المسافر، والمسافر لفظ يرجع في فهم معناه إلى العرف، فمتى صدق