أحدهما: أنه لا ينوي ذلك في الأثناء، بأن يكون الأثناء ظرفا للنية أيضا، فحينئذ يكون شرطا لاستمرار القصر.
وثانيهما: أن لا ينوي سفرا بنية الإقامة عشرة أيام في أثنائه، بأن يكون الأثناء ظرفا للإقامة فقط، وظرف النية حين قصد المسافة، فيكون حينئذ شرطا لنفس القصر.
أما الثاني فقد يقال: إنه لا خلاف في أنه شرط لوجوب القصر، وحكم بذلك صريحا في التذكرة (1)، ولم يذكر خلافا، وكذا الشهيد في الذكرى (2)، بل هو اشترط القصد لعدم الإقامة قبل بلوغ المسافة مع نية المسافة ولم نكتف بعدم القصد، فلو نوى مسافة فصاعدا وقصد الإقامة في أثنائها مطلقا لم يصح التقصير، بل لا بد من قصد المسافة قبل الإقامة.
ولكنني لم أقف على ما يدل على ذلك، ويوجب تخصيصا للعمومات، ولا ادعاء إجماع من أحد منهم، فإن غاية ما ثبت من الأخبار كما سيجئ أنه لو دخل المسافر بلدة وعزم فيها المقام عشرة أيام يجب عليه التمام، وأين هذا من ذلك.
فالعمومات الدالة على أن المسافر يقصر صادق على ذلك، لأنه مسافر عرفا، وشرط القصر - وهو قصد المسافة - موجود، والذي ظهر من الأخبار كفاية مطلق القصد، وأما القصد بشرط عدم الفصل بإقامة العشرة في أثنائه فليس فيها منه عين ولا أثر.
وإن قلت: المنساق المتبادر من قصد ثمانية فراسخ، أو أزيد منه ونحوها، هو ما كان متصلا.
قلت: لو كان كذلك فلم لا تعتبر في ذلك الفصل بتسعة أيام، إذ لا يخفى أن التبادر وعدمه بالنظر إلى اللفظ، ومع قطع النظر عن اعتبار الشارع، لا يتفاوت بهما.
اللهم إلا أن يدعى ثبوت الحقيقة الشرعية في المسافر، وأنه صار حقيقة فيمن قصد المسافة المعينة التي لم يكن بينها تخلل العشرة، وقلنا بأنه يصح سلب اسم