ويدل على ذلك أيضا روايتان ضعيفتان وردتا في مبحث القبلة أنه إن تبين كون صلاته على غير جهة القبلة ودخل وقت الأخرى يعيد الأولى ثم يأتي بالثانية (1).
أقول: أما رواية زرارة ورواية عبد الرحمن بن الحجاج ورواية أبي بصير فضعاف لا يقاوم الأخبار الصحيحة المتكثرة الظاهرة الدلالة، بل الصريحة المعتضدة بما ذكرناها، فلا بد من حملها على الاستحباب، ومما يؤكد ذلك قرب حمل الأمر على الاستحباب وبعد الحمل والتوجيه في أدلتنا، بل هو متعذر في الأكثر، والعلة المذكورة في رواية جميل (2)، والتأكيد المذكور في صحيحة الحسين بن أبي العلاء (3)، إلى غير ذلك. ومن تأمل في تلك الأدلة ولاحظ هذه الأخبار لم يبق له تأمل في حسن هذا التوجيه.
وأما صحيحتا زرارة (4) فأيضا لا تقاومان لما ذكرنا، فلا بد من حملهما على الاستحباب، سيما في الأخيرة ما يضعفها وهو شيئان، الأول: ما ذكرنا سابقا من أن قوله (عليه السلام) في آخرها " لأ نك لست تخاف فوتها " صريح في عدم وجوب التضيق، والثاني: أن الظاهر من قوله (عليه السلام) " وإن كنت ذكرت أنك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب " أن المراد وقت فضيلة المغرب، كما لا يخفى على المنصف المتدبر، وتقديم المستحب على الواجب كما ترى، فيكون من قبيل تقديم أحد المستحبين على الآخر.
ومن هذا ظهر الجواب عن صحيحة صفوان أيضا، ويؤيد ذلك قوله (عليه السلام) في آخرها " وإلا صلى المغرب ثم صلاها " فتفكر.