وأما الروايتان الأخيرتان فهما أيضا ضعيفتان فليحملا على الاستحباب، وقد مر في مباحث القبلة أيضا ما يناسب المقام.
وقد يقال: إن المضايقة هو الموافق لمذاهب العامة، فيكون هذا أيضا من المرجحات. ولكني لم أطلع على ذلك.
وقد يستدل على المضايقة بالاحتياط، وأنه المبرئ للذمة يقينا.
وفيه أن الاحتياط ليس بواجب عند التحقيق، والأصل براءة الذمة، سيما وقد أثبتنا الأدلة وبينا حصول البراءة بدون ذلك.
وبقوله تعالى * (أقم الصلاة لذكري) * (1) بأن يكون معناها: أقم الصلاة لذكر صلاتي، أي: وقت ذكرها وتذكرها، أو أقم الصلاة وقت تذكيري لها إياك.
وفيه أنه خلاف الظاهر من الآية، ولها معان كثيرة ذكرها المفسرون، وأقربها أقم الصلاة لتذكرني، أو لتكون ذاكرا لي، ونحو ذلك.
وأما الروايتان المفسرتان لذلك - وقد مر أحدهما والأخرى صحيحة زرارة، التي ذكرها الشهيد في الذكرى، قال أبو جعفر (عليه السلام) في جملتها: ثم قال: - يعني:
رسول الله (صلى الله عليه وآله) -: من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: * (أقم الصلاة لذكري) * (2) - فهما غير صريحتين في ذلك، سيما الصحيحة فإنه يمكن إرادة أن عموم الآية والأمر بالصلاة يشمل ذلك، على أن جعل اللام للتوقيت مجاز لأنه خلاف المتبادر، مع أنه يمكن أن يكون المراد بيان ابتداء الوقت الموسع كما في قوله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) * (3)، وهذا وجه غير بعيد.
ولا يضر فيما ذكرنا بيان النهاية فيها دون ما نحن فيه، فإنه إن كان معناها الوجوب في أولها ولا يجوز التأخير لزم التجوز في الآية الثانية، أو القول باتصال الصلاة من أول الوقت إلى آخرها بالتكرار أو بالتطويل، وكلاهما منفيان.