صحيحة عبد الله بن سنان (1)، وصحيحة أبي بصير (2)، ورواية جميل (3)، وما نقلناه عن ابن طاووس (4)، فإنها تدل على استحباب تقديم الحاضرة فتناقض.
ويمكن أن يقال: إن أقواها دلالة على ذلك هو رواية جميل، وهي غير نقية الإسناد، وأما غيره فأوامر وما في معناه، وهي لا يقاوم الصحاح الدالة على تقديم الفائتة، ولا بد من حمل الأوامر على رفع الحظر، مع أن الصحيحتين أخص من المطلوب، ولكن عدم القول بالفصل ينفي الاختصاص.
وبالجملة: فلا يخلو المقام عن شائبة الإشكال وإن كان الترجيح لما ذكرنا.
والاحتياط في أصل المسألة اعتبار الاحتياط بالمضايقة دائرا مدار الحرج والعسر، وإلا فالأقوى ما اخترناه، والله أعلم بحقائق أحكامه.
ثم إن هذه الأحكام حكم الذاكر، وأما الناسي للفائتة إذا صلى الحاضرة فلا يعيد، ولعله لا خلاف في ذلك. وادعى عليه الاجماع في المختلف (5) ويدل عليه بعض الأخبار المتقدمة أيضا.
وإذا تذكر في الأثناء فيعدل إلى الفائتة إن أمكن وجوبا، أو استحبابا على اختلاف القولين.
وهل العدول مختص بما لو كان الفائت متحدا؟ أو يجوز ولو كان متعددا؟
فيه إشكال، ولم أقف من الأصحاب على مصرح بحكمه، والذي ظهر من الأخبار هو الجواز في المتحد.
ولو قلنا بجواز ذلك في المتعدد أيضا فلا بد من العدول إلى الأولى منها لو علم الترتيب، على ما نختاره من وجوب الترتيب مع العلم، وبدون العلم فما يبني عليه أولا، وسيجئ إن شاء الله تعالى.