واما المورد الثاني: فقد استدل الشيخ بالعمومات الناهية عن العمل بغير العلم كقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم، ونحوه وذكر ان مقتضى هذه العمومات حرمة العمل بغير العلم الا ما خرج بالدليل، ونسبة أدلة حجية امارة خاصة إلى تلك العمومات، نسبة المخصص إلى العام، فالشك في حجية امارة خاصة شك في التخصيص والمرجع فيه عموم العام.
وأورد عليه المحقق النائيني (ره) بان مفاد دليل حجية الامارة كونها علما تعبدا فنسبته إلى العمومات نسبة الحاكم إلى المحكوم ويكون نافيا لموضوع العام، فعند الشك في الحجية لا محالة يشك في صدق موضوع العام، ومع الشك فيه يكون الشبهة مصداقية، وضروري انه لا يجوز التمسك بالدليل الا مع احراز صدق موضوعه.
وأورد عليه الأستاذ بان الحجية الواقعية مما لا يترتب عليه اثر ما لم يصل إلى المكلف فالحكومة انما هي بعد الوصول، فالعمل بما لم تصل حجيته إلى المكلف، عمل بغير علم، وان كان حجة في الواقع.
ولكن يرد على أن الحجية الواقعية وان لم تصل إلى المكلف، توجب صيرورة الامارة علما، فاحتمالها يوجب الشك في كون المؤدى معلوما تعبدا، فايراد المحقق النائين على الشيخ تام.
واما المورد الثالث: فقد يقال ان الحجية حكم واقعي نظير ساير الأحكام الشرعية مشتركة بين العالم والجاهل، ولا تكون مختصة بالعالم، لعين ما ذكر من لزوم الدور، وغيره من الاختصاص بالعالمين.
وأورد عليه بأنه لا محيص عن الالتزام بأخذ الوصول في مقام جعلها، إذ ليست هي كساير الأحكام الشرعية تترتب عليها الآثار حتى في صورة الجهل، بل لا تترتب عليها آثارها الا في فرض العلم والوصول.
توضيح ذلك أن الامارة، اما ان تؤدى إلى الترخيص مع كون الحكم الواقعي لزوميا كالحرمة، واما ان يعكس الامر، واما ان يتوافقان في الحكم اللزومي، وعلى كل تقدير لا اثر لوجود الحجية الواقعية: إذ في الفرض الأول يكون الواقع منجزا لأجل