اما الأول: فقد أجاب عن المحاذير بما ذكرناه من الوجه الأول للجمع فراجع.
واما الثاني: فقد أجاب عنها بان المجعول في الأصول التنزيلية انما هي الجهة الثالثة للقطع وهي كونه مقتضيا للجري العملي على طبق ما تعلق به وكون الشخص غير متحير في مقام العمل كما يأتي تفصيله في مبحث الاستصحاب وعليه فلا حكم مجعول حتى يلزم المحاذير المذكورة.
واما في الأصول غير التنزيلية فمحصل جوابه (ره)، ان التكاليف الواقعية بوجوداتها النفس الامرية لا تصلح للمحركية والداعوية بل وصولها محرك نحو الفعل أو الترك وهذه المرتبة من الحكم مرتبة التنجيز والتعذير، وهما من الأحكام العقلية المتأخرة، عن مرتبة ثبوت الحكم الواقعي، وهذه المرتبة موكولة إلى حكم العقل - وعليه - فأملاك الواقعي، تارة يكون بمرتبة من الأهمية لا يرضى الشارع بفواته حتى في فرض عدم وصول الحكم، فلا بد من جعل وجوب الاحتياط فيكون هو وجوبا طريقيا موجبا لوصول الحكم على فرض وجوده بطريقه، ناشئا عن مصلحة الحكم الواقعي، وأخرى لا يكون بهذه المرتبة من الأهمية فيرخص في الفعل أو الترك، ويكون هذا الحكم نظير حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان - وعلى ذلك - ففي المورد الأول بما ان علة جعل وجوب الاحتياط، هي المصلحة الواقعية ففي فرض عدم الحكم واقعا لا يكون وجوب الاحتياط ثابتا، بل انما هو صورة تخيل كونها حكما فلا يلزم اجتماع الضدين، وفى المورد الثاني بما ان ثبوت الترخيص والاذن انما هو في مرتبة متأخرة عن الحكم الواقعي، لا لان موضوعه الشك بما انه من الحالات الطوارئ اللاحقة للحكم الواقعي، حتى يقال ان انحفاظ الحكم الواقعي عنده مستلزم لاجتماع الضدين، بل باعتبار كونه موجبا للحيرة في الواقع، وعدم كونه موصلا إليه ومنجزا له فقد لو حظ في الرخصة وجود الحكم الواقعي ومعه كيف يعقل ان يضاد الحكم الواقعي - وبعبارة أخرى - الرخصة انما تكون في عرض المنع المستفاد من ايجاب الاحتياط، وهو انما يكون في طول الواقع، ومتفرعا عليه فكذلك ما هو في عرضه يكون في طول الواقع، والا يلزم كون ما في طول الشئ في عرضه.