المفاسد، و بين ان يتعبدهم بالعمل بالامارات غير العلمية فيصلوا إلى الواقع في جملة من الموارد ويستوفون عدة من المصالح ويتحرزوا عن جملة من المفاسد، فيتعين التعبد بالعمل بها.
واما في فرض انفتاح باب العلم، فان كانت الامارات غير العلمية أكثر إصابة إلى الواقع من القطع أو الاطمينان الحاصل للمكلف فهذه الصورة ملحقة بالصورة الأولى، وان كان القطع أو الاطمينان أكثر إصابة من الامارات، فالتعبد بالامارات يمكن ان يكون لأجل ان الزم المكلفين بتحصيل العلم عسر على أنواع ومناف لسهولة الشريعة فمصلحة التسهيل على النوع تقتضي التعبد بالامارات وتزاحم الملاكات الواقعية فمن التعبد بها يستكشف ان الشارع الا قدس قدم المصلحة النوعية العامة على المصالح الشخصية ولا قبح في ذلك.
وقد أجاب الشيخ الأعظم (ره) عن هذه الشبهة بجواب آخر وتبعه غيره منهم المحقق النائيني (ره)، والأستاذ الأعظم، وهو الالتزام بالمصلحة السلوكية - بمعنى ان قيام الحجة يكون سببا لحدوث مصلحة في نفس السلوك بلا تأثير على المصلحة الواقعية أو استلزامه تبدل الموضوع، فما يفوت من المصلحة الواقعية بواسطة العمل على طبق الامارة عند المخالفة يكون متداركا بمصلحة السلوك، مثلا إذا قامت الامارة على وجوب الجمعة وكان الظهر واجبة في الواقع فان لم ينكشف الخلاف، يكون المتدارك مصلحة الظهر بتمامها، وان انكشف الخلاف بعد مضى الوقت يكون المتدارك مصلحة الوقت، وان انكشف بعد مضى وقت الفضيلة يكون المتدارك مصلحة فضيلة الوقت.
وهذه السببية هي السببية التي ذهب إليها بعض العدلية في مقابل السببية على مسلك الأشعري الملتزم بأنه لا حكم في الواقع مع قطع النظر عن قيام الطريق بل يكون قيامه سببا لحدوث مصلحة في المؤدى مستتبعة لثبوت الحكم على طبقها، والسببية على مسلك المعتزلي - الملتزم بان قيام الحجة من قبيل طرو العناوين الثانوية كالضرر موجب لحدوث مصلحة في المؤدى، أقوى من مصلحة الواقع، فان المصلحة على هذا المسلك انما تكون في السلوك لا في المتعلق.