ويرده ان قاعدة لا ضرر حاكمه على قاعدة السلطنة كما مر مفصلا.
ويمكن ان يستدل للجواز مضافا إلى الوجهين المتقدمين ما افاده الشيخ في الرسالة، من أن تجويز الاضرار بالغير مع الاكراه وعدم لزوم تحمل الضرر، يشهد بعدم لزوم تحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير.
وبما ذكرناه ظهر ان ما ذكره بعض المتأخرين من وجوب ملاحظة مراتب ضرر المالك والجار وتقديم الجار على المالك فيما كان ضرره أعظم وأكثر من ضرر المالك، غير تام، نعم إذا كان ضرر الجار من قبيل هلاك النفس المحترمة التي يجب على المالك أيضا حفظها، لا اشكال في تقديم ضرر الجار لكنه خارج عن محل الكلام.
كما أنه ظهر ان ما افاده المحقق السبزواري ايرادا على الأصحاب من أنه يعارض قاعدة السلطنة قاعدة نفى الضرر فيشكل الجواز، غير صحيح.
ولكن التحقيق الذي يقتضيه النظر الدقيق ان جميع هذه الكلمات منحرفة عن طريق السداد، والصواب، فان تصرف المالك في ملكه ان كان موجبا لتضرر الجار وكان ذلك علة له والمراد بالضرر هو، النقص في المال، أو العرض، أو النفس لا محالة يكون ذلك التصرف حراما محضا ولا يكون متصفا بحكمين، الحرمة، والإباحة، ولا سبيل إلى دعوى ان قاعدة السلطنة تدل على الجواز فإنها لا تدل على جواز التصرف في ملك الغير، وهل التمسك بها في المقام الا كالتمسك بها لا ثبات جواز ان يذبح بمديته غنم الغير بدعوى انه مسلط على مديته يتصرف فيها ما شاء، وذلك كما في حفر بئر قريبا من بئر الجار في الأرض المعمورة، بناءا على أن ملك أرضا ملك قرارها إلى تخوم الأرض، وفراغها إلى عنان السماء، كما عن جماعة، أو ان الاحتفار حيازة لما في تخوم الأرض من المياه كما عن المحقق القمي، فان ذلك أن أوجب قلة ماء بئر الجار، لا يجوز قطعا.
واما ان لم يكن ما يتوجه إلى الجار ضررا، بل كان عدم النفع كما في المثال بناءا على انكار المبنيين كما حققناه في محله، واخترنا ان الاحتفار ليس حيازة للمياه الموجودة في عروق الأرض، وبينا ان من ملك أرضا وان كان يملك مقدار من الفراغ الذي يتوقف عليه تصرفاته في ارضه، ولمقدار آخر منه بتبعية الأرض بمنزلة الحريم،