وعلى البناء على الترجيح باقوائية الضرر أو أكثريته. بان ذلك يوجب الترجيح في الضررين بالنسبة إلى شخص واحد لا شخصين، إذ لا منة في نفى الضرر الأقوى على من استلزم ذلك في حقه ثبوت الضرر، بل انما يكون منة على خصوص من نفى عنه، وكون العباد بالنسبة إلى الله تعالى، بمنزلة عبد واحد، لا يصحح المنة على جميعهم في نفى الضرر الأكثر والأقوى، ولو على من استلزم ذلك بالنسبة إليه الضرر.
وتنقيح القول في المسألة ان فروعها ثلاثة 1 - ما لو دار الامر بين الاضرار بأحد الشخصين، كما لو أكرهه المكره بذلك 2 - ما إذا كان الضرر متوجها إلى أحد الشخصين مع قطع النظر عن الحكم الشرعي، كما إذا وقع دينار شخص في محبرة الغير، وكان ذلك بفعل شخص ثالث 3 - ما إذا كان الضرر متوجها إلى أحدهما بآفة سماوية.
اما الفرع الأول: فلا اشكال في أنه يجوز أحدهما - ولا يجوز الاخر - وارتفاع عدم الجواز عن أحدهما حيث يكون لأجل عدم تمكن المكلف فلا محالة يقع التزاحم بينهما فلا بد من اعمال مرجحات ذلك الباب، ومن جملتها الأهمية، وحيث انها ربما تكون بالأكثرية فما افاده الشيخ من الترجيح بالأقلية، يتم في هذا الفرع وليجعل ما استدل به الشيخ الذي هو وجه اعتباري استحساني من مؤيدات ذلك.
واما الفرع الثاني: فيتخير في اتلاف أيهما شاء، ويضمن الشخص الثالث الذي هو السبب لتوجه الضرر إلى أحد الشخصين بضمان المثل أو القيمة لصاحبه ولا يخفى وجهه.
واما الفرع الثالث: فالمشهور انه يلزم اختيار أقل الضررين، وان ضمان ذلك على مالك الاخر.
واستدل له: بان نسبة جميع الناس إلى الله سبحانه نسبة واحدة، فالكل بمنزلة عبد واحد فالضرر المتوجه إلى أحد شخصين كأحد الضررين المتوجه إلى شخص واحد، فيلزم اختيار أقل الضررين، ثم انه حيث تكون الخسارة المتوجهة إلى من أورد الضرر عليه، لمصلحة الاخر، فهو يكون ضامنا لها.
ولكن مجرد كون الخسارة لمصلحته، لا يوجب استقرار تمام الخسارة عليه فالصحيح: انه حيث يكون الضرر المتوجه، متوجها إليهما ونسبته إليهما على حد سواء،