ترجيح بلا مرجح فلا تشمل شيئا منهما، فيرجع إلى قاعدة السلطنة المقتضية للجواز.
وأورد عليه المحقق النائيني بان منشأ تضرر المالك هو حرمة التصرف الثابتة من شمول حديث لا ضرر لإباحة التصرف وسلطنة المالك على ماله، ومعلوم ان الضرر الناشئ من شمول الحديث المتأخر عنه رتبة لا يكون مشمولا له، والا فيلزم تقدم ما هو متأخر، وعليه فحديث لا ضرر في المثال يشمل خصوص جواز التصرف الناشئ منه تضرر الجار.
ويتوجه على أولا ان حرمة التصرف الموجب لتضرر الجار ان لم تكن ثابتة مع قطع النظر عن قاعدة لا ضرر، لا تثبت بها لأنها قاعدة نافية للحكم لا مثبتة.
وثانيها: انها لو ثبتت بها لا مانع من شمول القاعدة لها في نفسها، لان القاعدة من قبيل القضية الحقيقية وتنحل إلى قضايا عديدة بحسب ما للتضرر من الافراد، وعليه فإذا شملت القاعدة لجواز التصرف وثبت بها حرمة التصرف وكانت الحرمة موجبة لتضرر الجار يتولد منه مصداق آخر للقاعدة فيشملها القاعدة ولا يلزم تقدم ما هو متأخر، فان المتأخر غير ما هو متقدم وهو واضح.
اللهم الا ان يقال ان حديث لا ضرر بحسب المتفاهم العرفي لا ينفى الحكم الذي أثبته الحديث، وعليه فالعمدة هو الايراد الأول.
ولكن يرد على هذا الوجه، انه حيث تكون القاعدة في مقام الامتنان على الأمة ولا منة على العباد في الحكم بتحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير ولو كان ضرره أعظم من ضرر نفسه فالحديث لا يشمل سلطنة المالك على التصرف في ماله ولا يقتضى حجره عنه.
أضف إليه انه لو سلم تعارض الضررين وسقوط القاعدة بالنسبة إليهما يكون مقتضى قاعدة نفى الحرج هو عدم حجر المالك عن التصرف في ماله.
ومن هذين الايرادين يظهر وجهان آخران لجواز التصرف.
الرابع: الاجماع، ولكنه لمعلومية مدرك المجمعين لا يعتمد عليه.
الخامس: ما ذكره بعض المحققين تبعا لسيد الرياض، بان عموم التسلط يعارض عموم نفى الضرر والترجيح للأول للأصل والاجماع.