الحكم مدار فعلية ذلك العنوان، ولا يكفي لفعلية الحكم بالنسبة إلى شخص فعلية الموضوع بالإضافة إلى أشخاص اخر، كما هو الشأن في جميع العناوين الكلية المأخوذة في الموضوعات - الا ترى - ان وجوب الحج رتب على الاستطاعة فلو فرضنا ان أكثر أهل البلد صاروا مستطيعين في سنة، غير واحد منهم، فهل يتوهم النباء على وجوبه عليه أيضا، وهذا من الوضوح بمكان وقد استدل للثاني بوجهين.
1 - ان الأصحاب استلوا بها على خيار الغبن، مع أن المعاملة الغبنية لا تكون ضررية دائما، بل ربما تكون المصلحة في بيع المتاع بأقل من ثمن المثل، كما إذا كان في معرض السرقة أو الحرقة، أو لم يقدر مالكه على حفظه ولا على بيعه بأكثر من ذلك: فان هذه المعاملة غبنية وليست بضررية، ومقتضى اطلاق كلمات الأصحاب ثبوت الخيار فيها أيضا فيستكشف من ذلك أن الميزان هو الضرر النوعي لا الشخصي.
وفيه: أولا، ان منشأ ثبوت خيار الغبن ليس هو قاعدة لا ضرر كما حقق في محله.
وثانيا: ان الظاهر صدق الضرر في الفرض، فان هذه المعاملة بملاحظة الجهات الخارجية وان كانت أقل ضررا من حفظ المتاع، الا انها من حيث إنها معاملة تكون ضررية، إذ لا يتصور الغبن من دون الضرر.
وثالثا: ان التزام الفقهاء في المورد المفروض، بالخيار مع قطع النظر عن الأدلة الاخر، غير ثابت.
ورابعا: ان الظاهر من الحديث، نفى الحكم الموجب للضرر اما في النفس أو المال، والضرر المالي قد يكون موجبا للضرر الحالي، وقد لا يكون كذلك، فشخصية الضرر، انما هي بلحاظ المال، لا بلحاظ الشخص.
2 - انه لا ريب في أن الضرر في موارد ثبوت حق الشفعة انما يكون غالبيا ومع ذلك أفتى الأصحاب بثبوته مطلقا، بل الإمام (ع) طبق حديث لا ضرر عليه كما تقدم فيعلم من ذلك أن العبرة بالضرر النوعي لا الشخصي.
وفيه: ان دليل ثبوت ذلك الحق ليس هو قاعدة لا ضرر، بل النصوص الخاصة الدالة عليه، وقد تقدم ان النص الذي في ذيله لا ضرر ولا ضرار، ضعيف السند.