الآخران في كلامه فهما مثالان للاستصحاب ولا ربط لهما بالبرائة.
الثاني: ان يكون الترتب عقليا كترتب وجوب المهم على عدم وجوب الأهم بناءا على القول بعدم امكان الترتب، فان الموجب لرفع اليد عن اطلاق دليل المهم انما هو فعلية التكليف بالأهم الموجب لعجز المكلف عن الاتيان بالمهم، وفى مثل ذلك لو فرض الشك في تعيين التكليف بالأهم للشك في أهميته وجرى الأصل في تعينه ولازمه ترخيص الشارع في ترك الأهم، كان المهم واجبا لاطلاق دليله، فهو المثبت لوجوبه لا البراءة وانما هي ترفع المانع وهو عجز المكلف، فلا مورد لاشتراط جريان البراءة بعدم اثباته للحكم الإلزامي.
الثالث: ان يكون الترتب شرعيا بان اخذ جواز شئ مأخوذا في موضوع وجوب شئ آخر وهذا أيضا يختلف فإنه، تارة يكون الحكم الإلزامي مترتبا على الإباحة الواقعية ومثل المحقق النائيني (ره) لذلك بترتب وجوب الحج على عدم اشتغال ذمة المكلف بمال الناس، وأخرى يكون الحكم الإلزامي حكما واقعيا مترتبا على مطلق الإباحة واقعية كانت أم ظاهرية، كما في ترتب وجوب الوضوء بالماء فإنه مترتب على اباحته سواء كانت واقعية أم ظاهرية، وثالثة يكون الحكم الإلزامي أعم من الواقعي والظاهري مترتبا على الإباحة أعم من الواقعية والظاهرية، كما في ترتب وجوب الحج على الاستطاعة وإباحة المال الذي به صار المكلف مستطيعا، فلو حكم بإباحة المال لأصل من الأصول وجب الحج ظاهرا، ولو انكشف الخلاف وعدم اباحته انكشف عدم كونه مستطيعا من الأول.
ففي الصورة الأولى لا يترتب على الأصل الجاري الحكم الإلزامي: لعدم ثبوت ما يترتب عليه بالأصل، وهذا ليس بالاشتراط، وفى الصورة الثانية يترتب على الأصل ذلك الحكم الإلزامي لتحقق موضوعه غاية الامر يكون الالزام ظاهريا، وفى الصورة الثالثة يترتب الحكم الإلزامي.
والى ما ذكرناه في هذه الصور نظر المحقق الخراساني (ره) حيث قال، والإباحة أو رفع التكليف الثابت بالبرائة النقلية لو كان موضوعا لحكم شرعي أو ملازما له فلا محيص عن