وثانيا: ان العلم الاجمالي بالتكليف لا يكون منتقيا بحدوث الاضطرار نظير انتفاء العلم التفصيلي بالشك الساري بل هو باق بحاله، غاية الامر يكون متعلقه مرددا بين ان يكون من الطرف غير المضطر إليه فهو باق إلى آخر الا زمان أو يكون في الطرف المضطر إليه فهو محدود بحدوث الاضطرار فيكون المعلوم بالاجمالي مرددا بين المحدود و المطلق.
ويصير نظير ما لو علم بحرمة الجلوس في مكان خاص إلى الزوال، أو في محل آخر إلى الغروب، فكما لا سبيل إلى القول بارتفاع التنجيز بالزوال كذلك في المقام.
والى ذلك نظره الشريف في هامش الكفاية حيث التزم ببقاء التنجيز في الطرف غير المضطر إليه، بتقريب ان العلم الاجمالي تعلق بالتكليف المردد بين المحدود والمطلق ويكون من قبيل تعلق العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين القصير والطويل، فكما ان العلم الاجمالي، يكون منجزا هناك، كذلك في المقام.
واما في الصورة الثانية: وهي ما إذا كان الاضطرار إلى المعين قبل حدوث التكليف، كما لو اضطر إلى شرب ما في أحد الانائين معينا، ثم علم بنجاسته أو نجاسة، ما في الاناء الاخر فلا كلام ولا اشكال في عدم منجزية هذا العلم الاجمالي، إذ النجاسة لو كانت واقعة فيما اضطر إلى شربه، لم يحدث تكليف، وهو مقطوع الحلية على كل تقدير، فلا يجرى فيه الأصل، فيجرى في الطرف الآخر بلا معارض.
وبما ذكرناه يظهر حكم ما لو كان الاضطرار، وحدوث التكليف مقارنين، فإنه يجرى الأصل في غير المضطر إليه بلا معارض.
واما في الصورة الثالثة: وهي ما لو كان الاضطرار إلى المعين بعد حدوث التكليف وقبل العلم، كما لو اضطر إلى شرب أحد المايعين ثم علم بان أحدهما كان نجسا قبل عروض الاضطرار، فقد اتفقت كلمات المحققين في هذه الصورة على عدم تنجيز العلم الاجمالي.
وما افاده في المقام يكون مبتنيا على ما بنوا عليه ونحن تبعناهم من أن، عدم جريان الأصول في أطراف العلم الاجمالي انما هو لأجل التعارض لا لمانعية نفس العلم،