كان العلم باقيا وشك في رفعه يجب الاجتناب عنه بقاءا 2 - ان زوال العلم الاجمالي كما يكون بالشك فيما علم بالشك الساري، كذلك يكون بالعلم الوجداني أو التعبدي بان أحد طرفي العلم حين حدوث العلم أو قبله كان محكوما بحكم مماثل لما علم بثبوته، لان ذلك يوجب الشك في ثبوت تكليف آخر غير ما ثبت في ذلك الطرف المعين فالحجة المتأخرة توجب الشك الساري في العلم الاجمالي فلا محالة يزول تنجيزه.
فالمتحصل انه لو كان المانع الطارئ متعلقه مقارنا أو متقدما على المعلوم بالاجمال، لا محالة يسقط العلم عن التنجيز لزوم العلم بقاءا.
وبما ذكرناه يظهر انه لو علم بنجاسة أحد الشيئين في يوم الجمعة مثلا ثم في يوم السبت علم بان أحدهما المعين كان في يوم الخميس نجسا واحتمل طهارته في يوم الجمعة: فإنه يجرى الاستصحاب فيه فبقاءا لا علم بحدوث تكليف زايد فينقلب الشك في انطباق المعلوم بالاجمال إلى الشك في حدوث نجاسة أخرى.
واما في القسم الثاني: فلا يجرى الأصل في الطرف الآخر بل هو مورد لقاعدة الاشتغال، إذا العلم الاجمالي يكون باقيا، والشك يكون شكا في الامتثال بعد العلم بحدوث التكليف، وعدم الشك فيه، والشك في الامتثال مورد لقاعدة الاشتغال.
وبتقريب آخر، ان المانع عن جريان الأصل وان كان هو التعارض وهو لا يكون باقيا، الا انه حيث يكون الشك في الزمان اللاحق بعينه الشك السابق، ولا يكون فردا آخر، ولم ينقلب إليه كما في القسم الأول، والمفروض انه لم يشمله في الزمان السابق أدلة الأصول فلا تشمله إلى الأبد، فإنه ليس لأدلة الأصول عموم أزماني حتى يقال بان كل زمان موضوع مستقل فلا مانع من عدم الشمول في زمان والشمول في زمان آخر، وانما شمولها له في جميع الأزمان يكون بالاطلاق فكل واحد من افراد الشك موضوع واحد في جميع الأزمنة، فحينئذ إذا خرج فرد لا معنى لشمول الأدلة له بعد ذلك، فإنه ليس فردا آخر.
وهذا الوجه مع اصرار الأستاذ عليه غير خال عن المناقشة فإنه قد عرفت ان لدليل الأصل عموم افرادي، واطلاق أحوالي وزماني، فإذا ورد التقييد على الثاني يؤخذ