استعمال أحد مقطوعي الطهارة والحلية ثم حدث نجاسة أحدهما أو حرمته والعلم بها.
الثالثة: ما لو كان الاضطرار حادثا بعد التكليف وقبل العلم به، كما إذا كان أحد المائين نجسا في الواقع ولكنه لم يكن عالما به فاضطر إلى شرب أحدهما ثم علم بأنه كان نجسا قبل الاضطرار.
اما في الصورة الأولى فقد اختار الشيخ الأعظم (ره) والمحقق النائيني عدم انحلال العلم الاجمالي: لان التكليف قد يتنجز بالعلم الاجمالي قبل عروض الاضطرار، وأقصى ما يقتضيه الاضطرار هو الترخيص فيما اضطر إليه ورفع التكليف عنه لو كان متعلقا به، ولا رافع له في الطرف غير المضطر إليه، لان الضرورات تتقدر بقدرها.
وذهب المحقق الخراساني في الكفاية إلى الانحلال وعدم بقاء التنجيز، واستدل له بان العلم الاجمالي علة للتنجيز حدوثا وبقاءا، وبعد الاضطرار لا يكون العلم بالتكليف باقيا، إذ لو كان التكليف في الطرف المضطر إليه، فقد ارتفع لكون التكليف كان محدودا بعدم الاضطرار إلى متعلقه، ومع عدم بقاء العلم يرتفع اثره، وهو التنجيز كما هو الحال في العلم التفصيلي فإنه لو زال بالشك الساري لا يبقى تنجيزه، ثم أورد على نفسه بالانتقاض بما لو فقد بعض الأطراف، فكما لا اشكال في لزوم رعاية الاحتياط في الباقي هنا، كذلك لا ينبغي الاشكال في لزوم رعاية الاحتياط مع الاضطرار، وأجاب عنه بالفرق بين الاضطرار والفقدان، فان الاضطرار من حدود التكليف، ولا يكون الاشتغال به من الأول، الا مقيدا بعدم عروضه، فلا يقين باشتغال الذمة بالتكليف به الا إلى هذا الحد، فلا يجب رعايته فيما بعده، بخلاف فقدان المكلف به، فإنه ليس من حدود التكليف وقيوده فالتكليف المتعلق به مطلق، فإذا اشتغلت الذمة به كان قضية الاشتغال به يقينا الفراغ عنه كذلك.
ويرد عليه أولا انه كما يكون الاضطرار من حدود التكليف وبحدوثه يرتفع التكليف، كذلك يكون فقدان الموضوع من حدود التكليف وينتفى التكليف بانتفاء موضوعه، لان فعلية التكليف تدور مدار وجود الموضوع، بما له من القيود وبانتفائه أو انتفاء قيد من قيوده ينتفى الحكم.