بصرف وجود الطبيعة، المنطبق على أول الوجودات، وقد يتعلق بجميع الوجودات، والإباحة الواقعية المتعلقة بجميع الوجودات ظاهرة، واما الإباحة المتعلقة بصرف الوجود، فهي انما تكون، فيما لو أباح المالك الدخول في داره مرة مثلا ويتصور ذلك في الإباحة الظاهرية أيضا.
الثانية: ان المضطر إلى استعمال أحد المائين المعلوم نجاسة أحدهما انما يكون مضطرا إلى استعمال الجامع لا خصوص الحرام، وحيث إن أحد فردي الجامع حرام والاخر مباح فلا بد وان يرفع اضطراره بما لا يكون حراما - وبعبارة أخرى - الحكم المترتب على الفعل المضطر إليه انما يترتب على ما لا مانع فيه، وهو المباح، ولذا ترى انه لو كان الحرام متميزا عن الحرام في الخارج لما كان يجوز دفع الاضطرار بالحرام، والسر فيه ما ذكرناه، وعليه فالحرام يتمكن المكلف من مخالفته ولم يطرأ عليه الاضطرار حتى يرفع حكمه.
الثالثة: انه لا يمكن للشارع الترخيص في كليهما لكونه ترخيصا في المخالفة القطعية.
إذا عرفت هذه الأمور فاعلم: ان مقتضى ما ذكرناه في المقدمة الثانية عدم جواز ارتكاب أحدهما أيضا في الفرض، الا ان العقل يحكم بان الاضطرار الموجب لصيرورة الحرام مباحا إذا تعلق به، لو تعلق بأحد الامرين المعلوم حرمة أحدهما، ولم يكن الحرام متميزا عما عداه يوجب عدم العقاب على ارتكاب أحدهما، ولازم ذلك ترخيص الشارع في ارتكاب أحدهما، وبمقتضى المقدمة الأولى يكون المرخص فيه صرف الوجود المنطبق على أول الوجودات، والجمع بين هذا الحكم وبقاء الحرمة الواقعية، يقتضى الالتزام بالترخيص الظاهري - وبعبارة أخرى - الضرورات تتقدر بقدرها فلا وجه لرفع اليد عن الحرام الواقعي لان المضطر إليه هو ترك الموافقة القطعية فالمرتفع هو وجوبها، وبمقتضى المقدمة الثالثة يحرم المخالفة القطعية، وليس للشارع الترخيص فيها، فنتيجة ذلك هو التوسط في التنجيز.
ومما ذكرناه يظهر ما في كلمات المحققين واليك طائفة منها 1 - ما افاده