بعدم لزوم الاجتناب عن الطرف الآخر إذا كان الاضطرار قبل العلم، والتزم في الثاني بلزومه.
وأجاب عنه بأنه في الاضطرار إلى المعين إذا كان قبل التكليف وقبل العلم به فبعد حدوث سبب التكليف والعلم به، يقطع بحلية المضطر إليه وعدم حدوث التكليف ان صادف المضطر إليه، فيبقى الشك في الطرف الآخر موردا للأصل بالتقريب المتقدم، واما في الاضطرار إلى غير المعين فحيث ان نفس الاضطرار لم يتعلق بما هو متعلق التكليف فقبل ان يختار أحدهما، ويحدث سبب التكليف كإصابة النجاسة إلى أحدهما يكون التكليف فعليا على كل حال ومنجزا، وبعد ذلك إذا اختار أحدهما، فحيث انه يصير مضطرا إليه فيرتفع التكليف ان كان ثابتا في مورد الاختيار، وان كان في غيره فهو باق، فيكون حاله حال الاضطرار إلى المعين بعد العلم بحدوث التكليف.
وفيه: أولا ان ما يختاره ليس مصداقا للمضطر إليه حتى يكون الترخيص الثابت بدليل الاضطرار ترخيصا واقعيا، فينا في الحرمة فالحمرة ثابتة على كل حال، وانما يكون الترخيص ظاهريا موجبا للتوسط في التنجيز، وثانيا: انه لو سلمنا ذلك، فلازمه عدم وجوب الاجتناب عن الاخر، إذ ما يختاره أولا لو كان هو الذي اصابه النجاسة لم يحدث فيه التكليف من الأول لا انه حدث وارتفع بالاختيار: وذلك لعدم معقولية مثل هذا التكليف وكونه لغوا، إذ التحريم انما يكون لأجل ان يكون زاجرا عن الاختيار فجعل الحرمة وتعلقها بفعل، ترتفع عند اختيار الفعل وصيرورته مباحا لغو - وبعبارة أخرى - الحرمة انما تكون لأجل ان تصير زاجرة عن الاختيار، فصيرورته الفعل مباحا حينه يوجب لغوية جعل تلك الحرمة، فلو كان في الطرف المختار لم يحدث التكليف من الأول فيكون التكليف في الطرف الآخر، مشكوك الحدوث، فيجرى فيه الأصل فيكون كلام المستشكل متينا.
الثالث: ما هو الحق، وهو التوسط في التنجيز، فالمدعى ثبوت التكليف على كل تقدير، وتنجيزه على تقدير دون آخر، وهو يبتنى على بيان مقدمات.
الأولى: ان الترخيص أعم من الظاهري والواقعي، كالحكم الإلزامي، قد يتعلق