صدوره ووروده، عن اذن المولى ومالكه، فما لم يأذن مالكه اذنا مالكيا يكون تصرفه خروجا عن ذي الرقية ورسم العبودية، ويكون تصرفا في سلطان المولى وقبيحا، ومذموما عليه عقلا.
واستدل القائل بالإباحة لما اختاروه، بان الفعل حيث لم يمنع عنه الشارع، لا شرعيا، ولا مالكيا، فهو ليس خروجا عن ذي الرقية ورسم العبودية.
وبديهي جريان هذين الوجهين في كل فعل من أفعال المكلف وان لم يكن له تعلق بالأعيان الخارجية، فإنه لا محالة يكون تصرفا في بدنه - كلسانه - مثلا، فيجرى فيه، ما تقدم من الوجهين.
الثاني: ان البحث عن الحظر والإباحة ناظر إلى حكم الأشياء من حيث عناوينها الأولية بحسب ما يستفاد من الأدلة الاجتهادية، والبحث عن البراءة والاشتغال، ناظر إلى حكم الشك في الأحكام الواقعية المترتبة على الأشياء بعناوينها الأولية.
وفيه: ان مسالة الحظر والإباحة، انما تكون بلحاظ عدم ورود الدليل من الشارع لا بلحاظ ما يستفاد من الأدلة الاجتهادية.
فالصحيح في مقام الفرق بينهما، ان بحث الحظر والإباحة انما هو فيما يستقل به العقل في حكم الأشياء، مع قطع النظر عن ورود حكم من الشارع، وبحث البراءة والاشتغال، انما هو بعد ورود حكم الأشياء من قبل الشارع.
ثم انه ربما يتوهم ان الأصل في الأشياء بحسب الأدلة الاجتهادية هي الإباحة، وعليه فلا يبقى مجال لهذا المبحث في الشبهات التحريمية الحكمية لفقد النص التي هي العمدة في المقام، واستندوا في ذلك إلى الآية الشريفة " خلق لكم ما في الأرض جميعا " وفى بعض الكلمات ذكروا الآية كذلك أحل لكم ما في الأرض جميعا - والى - قوله تعالى " كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ".
وفيهما نظر. اما الآية الأولى: فبالكيفية الثانية ليست، وبالكيفية الأولى لا تدل على المطلوب، بل ظاهرها ان ما في الأرض خلق لمانع العباد الدينية والدنيوية، بأي وجه اتفق، وذلك لا يلازم إباحة كل شئ، إذا لا شئ من الأشياء الا وفيه منافع - مع - انه قد