ورد النص عن الإمام (ع) في تفسيرها خلق لكم ما في الأرض فتعتبروا به الحديث، مع أنها مختصة بالافعال المتعلقة بالأعيان الخارجية، ولا تعم غيرها.
واما الثانية: فالظاهر أنها أجنبية عما استدل بها له فإنها تتضمن الامر بالاكل مما في الأرض حلالها طيبا لا حراما خبيثا، وليست في مقام بيان ان أي شئ حلال وحرام، ويؤيد، ذلك ورودها في جماعة من الأصحاب حيث حرموا على أنفسهم من الحرث والانعام وغير ذلك.
مع أنها مختصة بالمأكل: فإذا لا دليل على إباحة الأشياء مطلقا الا ما خرج بالدليل حتى يقال انه لا مورد للنزاع في البراءة والاحتياط إذ يتمسك باطلاق ذلك الدليل ويحكم بالإباحة، مضافا إلى أن الاخباري يدعى ان المرجع في الشبهات التحريمية، انما هو اخبار الاحتياط الدالة على لزوم الاحتياط والتوقف عند الشبهة.
الامر الخامس: ان اقسام الشك في أصل التكليف وان كانت عديدة إذ ربما يكون الشك في التكليف الاستقلالي وربما يكون في التكليف الضمني، وعلى كل تقدير، قد يكون الشبهة تحريمية، وقد يكون وجوبية وعلى كل تقدير ربما يكون منشأ الشك فقد النص، وربما يكون اجمال النص، وثالثا يكون تعارض النصين، ورابعا الأمور الخارجية.
وخلاف الأخباريين مع الأصوليين انما يكون في خصوص الشبهة التحريمية، وقد اتفقوا على عدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبية، الا ما عن الاسترآبادي، حيث ذهب إلى وجوب الاحتياط، وبعض الأدلة يختص ببعض اقسام الشبهة الا انه مع ذلك كله الصحيح ما ذكره المحقق الخراساني (ره) من جعل محط البحث مطلق الشك في الحكم الجامع بين الأقسام، لان عمدة أدلة البراءة جارية في مطلق الشك في التكليف واختصاص بعضها بدليل خاص لا يوجب افراده بالبحث. نعم، في خصوص تعارض الخبرين كلام سيأتي في التعادل والترجيح، إذا عرفت هذه الأمور، فاعلم أن تمام الكلام في هذا المقصد في طي فصول.