ورود نص بذلك، ولا العقل لعدم تصور حكم عقلي يتوصل به إلى حكم شرعي يكون مخفيا علينا، فعلى هذا الاجماع بما هو اجماع ليس بحجه وانما ينحصر وجه حجيته باستكشاف رأى المعصوم والقطع به فلا فائدة في إطالة الكلام في بيان المراد من لفظ الاجماع، فالصفح عنه أولى، بل لا بد من التكلم في مستند القطع، وقد ذكروا فيه وجوها.
منها: الملازمة العقلية، وتقريبها من وجهين. الأول: قاعدة اللطف وقد اعتمد عليها شيخ الطائفة وتبعه جماعة وتقريبها، ان الواجب على الإمام (ع) الذي هو الحجة على الأنام تبليغ الأحكام الشرعية الموجبة لتكميل النفوس، وتوصل العباد إلى مناهج الصلاح، وهذه هي وظيفته المحولة إليه من قبل الله سبحانه الذي يجب عليه تكميل نفوس البشر، وارشادهم إلى مناهج الصلاح، بانزال الكتب وبعث الرسل - وعلى ذلك - فإذا اتفقت الأمة على حكم فان كان موافقا لرأيه (ع) فهو المطلوب، والا فيجب عليه القاء الخلاف بينهم فمن عدم الخلاف يستكشف موافقة رأيه لما أجمع الأصحاب عليه.
وفيه: ان الواجب على الإمام (ع) انما هو تبليغ الأحكام الشرعية على النحو المتعارف لا ايصاله إلى العباد ولو بنحو غير متعارف، وهم (عليهم السلام) قد بينوا الأحكام جميعها وانما لم يصل إلينا مثلا بواسطة اخفاء الظالمين وخوف الأصحاب المعاصرين لهم عن بيانها تقية، فلا يجب عليه (ع) القاء الخلاف من طريق غير متعارف، وإلا لزم بيان الحكم على كل فرد فرد، لا على المجموع من حيث المجموع إذ قاعدة اللطف تقتضي، بيان الأحكام على كل فرد والالتزام بالاستكشاف من رأى كل فرد كما ترى - مع - انه يلزم حجية قول فقيه واحد لو انحصر الفقيه فيه في عصر.
الثاني: القطع بالحكم الحاصل من تراكم الظنون كما يحصل القطع من الخبر المتواتر.
وفيه: ان ذلك يتم في الاخبار عن المحسوسات، كما في الخبر المتواتر، فان التواطئ على الكذب بعيد غايته وكذلك احتمال الخطأ في الكل، واما في الاخبار عن الحدسيات التي لا بد فيها من اعمال النظر، فاحتمال الخطأ إذا كان متمشيا في واحد يكون متمشيا في الكل، والمقام من قبيل الثاني كما لا يخفى.