ويدل على ما ذهب إليه الشيخ ما رواه الصدوق في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " أنه قال في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة، قال: هو بالخيار يمسك أيتهما شاء، ويخلي سبيل الأخرى، وقال في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة: يخلي سبيل أيتهن شاء " وزاد في الكافي " ويمسك الأربع ".
وهذه الرواية قد رواها الكليني والشيخ بطريق فيه ضعف، وردها المتأخرون بذلك، ولكنها كما عرفت قد رويت بطريق صحيح وهي صريحة في المدعى، فلا مجال للطعن فيها بوجه.
احتج القائلون بالبطلان بأن العقد على كل واحدة منهما محرم للعقد على الأخرى ونسبته إليهما على السوية، فلا يمكن الحكم بصحته فيهما لمحذور الجمع، ولا في إحداهما على التعيين لأنه ترجيح من غير مرجح، ولا بغير معينة:
لأن الحكم بالإباحة عرض معين فلا بد له من محل جوهري معين يقوم به لأن غير المعين في حد ذاته لا وجود له فإذا بطلت هذه الأحكام لزم الحكم بالبطلان فيهما، ولأن العقد عليهما معا منهي عنه نهيا ناشئا عن عدم صلاحية المعقود عليهما على الوجه المخصوص للنكاح، وإن كانت صالحة بغير هذه الجهة، والنهي على هذا الوجه يقتضي بطلان العقد وإن لم يكن مطلق النهي موجبا لبطلان المعقود، كذا قرره شيخنا في المسالك.
وفيه ما قدمنا لك ذكره في غير موضع من أن الخروج عن مقتضى الروايات - الصحيحة الصريحة في الحكم بمجرد هذه الأدلة العقلية - مجازفة محضة في أحكامه سبحانه، لما عرفته قريبا من أنا مأمورون بالأخذ بأوامرهم (صلوات الله عليهم)