وبيانه في الآية أن قوله " اللاتي دخلتم بهن " يعود عند القائل إلى " نسائكم " وهو مخفوض بالإضافة، وإلى " ربائبكم " وهو مرفوع، والصفة الواحدة لا تتعلق بمختلفي الأعراب ولا بمختلفي العامل كما تقدم. إنتهى.
و (رابعا) وهو أقواها وأمتنها وأظهرها وأبينها - وإن كانت هذه الوجوه كلها ظاهرة بينة الدلالة على المطلوب - الأخبار الواردة بتفسير الآية حيث إنها فصلت بين الجملتين وصرحت بأن الجملة الأولى مطلقة شاملة للمدخول بها وغيرها، والثانية مقيدة وأن القيد المذكور راجع إليها على الخصوص، ومنه يعلم دلالة الأخبار أيضا على الحكم المذكور، وتطابق القرآن معها على الدلالة على القول المشهور ويظهر بطلان ما ادعوه من حمل الآية على ذلك المعنى أتم الظهور.
فمن الأخبار المشار إليها رواية إسحاق بن عمار (1) " عن جعفر عن أبيه عليهما السلام " أن عليا عليه السلام كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخلتم بهن في الحجور وغير الحجور سواء، والأمهات مبهمات دخل بالبنات أم لم يدخل، فحرموا وأبهموا ما أبهم الله ".
وهذه الرواية كما ترى صريحة الظهور في القول المشهور، وفيها إشارة إلى تفسير الآية بالاطلاق في الجملة الأولى والتقييد في الثانية، فإن قوله عليه السلام:
" والأمهات مبهمات " مأخوذ من إبهام الباب، بمعنى إغلاقه، وأمر مبهم لا مأتي له، أو من أبهمت الشئ إبهاما إذا لم يتبينه، أو من قولهم فرس مبهم، وهو الذي لا يخالط لونه لون أحمر، والمعنى أنها مغلقة في التحريم لا مدخل للحل فيها بوجه، أو أنها لم تبين وتفصل أو أنها لم تميز تميز الربائب بوقوع التقييد بالدخول الذي أوجبه الاستثناء فيهما، فكأنه لم يخلط صفة حرمتها بحل، فهي كالمصمتة لا يخالطها لون سوى لونها.