نعم يبقى الكلام في الروايات الدالة على أنه " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "، ولا ريب في تحريم الإخوة من الأم في النسب، فيكون في الرضاع كذلك، ويمكن أن يقال: إنه لا عام إلا وقد خص، ولا مطلق إلا وقد قيد، فيجب تخصيص هذه الأخبار الدالة على اشتراط اتحاد الفحل، فتحمل الأخبار المذكورة على ما سواه لهذا الفرد، وبذلك يظهر قوة القول المشهور والاحتياط في مثل ذلك مما ينبغي المحافظة عليه، والله العالم.
تنبيه:
قد عرفت أن محل الخلاف في الصورة الثانية هو ما إذا كان المرتضعان أجنبيين، وحينئذ فلو كان أحدهما ابنها نسبا وإن لم يكن من الفحل الذي أرضعت بلبنه، فإنه يحرم على هذا المرتضع.
قال في المسالك: لما كان تحريم الرضاع تابعا لتحريم النسب، وكان الإخوة من الأم كافية في التحريم النسبي، فالرضاع كذلك، إلا أنه خرج من هذه القاعدة، الإخوة من الأم من جهة الرضاع خاصة بتلك الروايات، فيبقى الباقي على العموم فيحرم أولاد المرضعة بالنسب على المرتضع وإن كانوا من الأم خاصة، بأن يكونوا أولاد الفحل، عملا بالعموم مع عدم وجود المخرج عنه، كما يحرم على هذا المرتضع أولاد الفحل من النسب. وإن لم يكونوا إخوة من الأم لتحقق الأخوة بينهما في الجملة، إنتهى.
أقول: ويدل عليه بالخصوص أيضا موثقة جميل بن دراج (1) عنه عليه السلام " قال:
إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شئ من ولدها وإن كان الولد من غير الرجل الذي كان أرضعته بلبنه: وإذا رضع من لبن الرجل حرم عليه كل شئ من ولده وإن كان من غير المرأة التي أرضعته " وهي صريحة في المراد.