وأنكرت المرأة ذلك، فأقامت أخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنه قد تزوجها بولي وشهود، ولم يوقتا وقتا، فكتب: أن البينة بينة الرجل ولا تقبل بينة المرأة، لأن الزوج قد استحق بعض هذه المرأة، وتريد أختها فساد النكاح فلا تصدق، ولا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها، أو بدخول بها ".
والرواية المذكورة ضعيفة السند جدا باصطلاح المتأخرين لما في سندها جملة من الضعفاء ورجال العامة، ومنهم الزهري والراوي عنه، وهو الأوزاعي، ولكن ظاهرهم تلقاها بالقبول كما تلاقاها متقدموهم مع ما في مخالفة متنها لمقتضى الأصول كما ذكروه.
وفيه تأييد لما قدمناه من أن الواجب هو العمل بالرواية صح سندها أو ضعف باصطلاحهم. وعدم الالتفات إلي ما فيها من المخالفة لمقتصى الأصول، ولكنهم لضيق المجال لما في هذا الاصطلاح تارة يردون الرواية وإن صح سندها بذلك كما تقدم قريبا، وتارة يقبلونها وإن ضعف سندها كما في هذا الموضع، فإنه لم يصرح أحد منهم بخلاف ذلك.
قال في المسالك بعد ذكر المصنف الحكم المذكورة: هذا الحكم مشهور بين الأصحاب لا يظهر فيه خلاف بينهم، وهو مخالف للقواعد الشرعية في تقديم بينة الرجل مع اطلاق البينتين أو تساوي التاريخين لأنه منكر يقدم قوله مع عدم البينة، ومن كان القول قوله، والبينة بينة صاحبه.
أقول: ويمكن أن يقال في دفع ما ذكره من الاشكال، أنه لا ريب أن هنا دعويين.
(إحديهما) دعوى الزوج على المرأة التي تزوجها مع إنكارها لدعواه.
و (الثانية) دعوى الأخت على الرجل أنه تزوجها مع إنكار الرجل، والرجل إنما أقام البينة على دعواه على تلك المرأة التي ادعى تزويجها، ولا ريب أنه مطابق لمقتضى القاعدة، من أن البينة على المدعي، وبموجب ذلك يثبت تزويجه