أقول: العجب منه (قدس سره) في تكرار هذه الكلام والاعتراض به على الشيخ (رحمه الله) كما تقدم نظيره قريبا لما قدمناه في مقدمات الكتاب في أول جلد كتاب الطهارة من تصريح جملة من الأصحاب منهم ابنه المحقق الشيخ حسن في مقدمات كتاب منتقى الجمال ومثله الشيخ البهائي في مشرق الشمسين بأن جملة الأخبار المروية في الأصول عند المتقدمين صحيحة، فإن الصحة عنهم ليست بالنظر إلى الأسانيد.
والمتأخرين إنما عدلوا عن ذلك الذي كان عليه متقدموهم لما خفي عليهم الوجه في ذلك لخفاء القرائن والأسباب التي أوجبت للمتقدمين الحكم بالصحة فعدلوا إلى هذا الاصطلاح.
وأما ما ذكره اعتراضا على مثل المحقق والعلامة حيث نقلوا الرواية مع ضعفها من التهذيب، ولم يردوها بذلك.
ففيه أنهم لا يردون إلا ما تعذر حمله على معنى يجتمع به مع الأخبار الباقية، وإلا فمتى وجد للخبر معنى مكن الجمع به بينه وبين ما ينافيه ظاهرا، فإنهم يقدمون ذلك على رده وإطراحه.
وأما ما ذكره من الاعتراض على أصحاب الفتاوى من المتأخرين من عدم تتبعهم للأسانيد ومراجعة كتب الأصول كملا، حتى أنهم يسارعون إلى رد الخبر بالضعف بناء على رواية في بعض الأصول مع وجود طريق صحيح له في أصل آخر فهو جيد، وقد وقع له (قدس سره) مثله في غيره موضع.
وأما ما ذكره من قوة الاشكال لصحة الخبر، وتوقفه في المسألة لذلك بعد ما عرفت في كلامه المتقدم من ميله إلى مذهب ابن إدريس في المسألة، فهو جار على ما قدمناه ذكره من اضطراب أصحاب هذا الاصطلاح في الخبر الصحيح السند متى خالف مقتضى القواعد المقررة بينهم.