في الكفر من الذين قالوا آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم) فإنه كان سبب نزولها انه كان بالمدينة بطنان من اليهود من بنى هارون وهم النضير وقريضة، وكانت قريضة سبعمائة والنضير ألفا وكانت النضير أكثر مالا وأحسن حالا من قريضة، وكانوا حلفاء لعبد الله بن أبي، فكان إذا وقع بين قريضة والنضير قتيل وكان القتيل من بنى النضير قالوا لبنى قريضة لا نرضى أن يكون قتيل منا بقتيل منكم، فجرى بينهم في ذلك مخاطبات كثيرة حتى كادوا ان يقتلوا، حتى رضيت قريضة وكتبوا بينهم كتابا على أنه أي رجل من اليهود من النضير قتل رجلا من بنى قريضة ان يحينه ويحمم، والتحينة ان يقعد على جمل ويولى وجهه إلى ذنب الجمل ويلطخ وجهه بالحماة ويدفع نصف الدية، وأيما رجل من بنى قريضة قتل رجلا من بنى النضير ان يدفع إليه الدية كاملة ويقتل به فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة ودخلت الأوس والخزرج في الاسلام ضعف أمر اليهود فقتل رجل من بنى قريضة رجلا من بنى النضير فبعثوا إليهم بنى النضير ابعثوا إلينا بدية المقتول وبالقاتل حتى نقتله، فقالت قريضة ليس هذا حكم التوراة وانما هو شئ غلبتمونا عليه فاما الدية واما القتل والا فهذا محمد بيننا وبينكم، فهلموا نتحاكم إليه، فمشت بنوا النضير إلى عبد الله بن أبي وقالوا: سل محمدا ان لا ينقض شرطنا في هذا الحكم الذي بيننا وبين قريضة في القتل، فقال عبد الله بن أبي. ابعثوا رجلا يسمع كلامي وكلامه فان حكم لكم بما تريدون والا فلا ترضوا به فبعثوا معه رجلا فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
يا رسول الله ان هؤلاء القوم قريضة والنضير قد كتبوا بينهم كتابا وعهدا وثيقا تراضوا به والآن في قدومك يريدون نقضه وقد رضوا بحكمك فيهم فلا تنقض كتابهم عليهم وشرطهم، فان النضير لهم القوة والسلاح والكراع ونحن نخاف الدواير (1) فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك ولم يجبه بشئ فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا) يعنى اليهود (سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه) يعنى عبد الله بن أبي وبنى النضير (يقولون إن أو يتم هذا