304 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأله عطا ونحن بمكة عن هاروت وماروت؟ فقال أبو جعفر ان الملائكة كانوا ينزلون من السماء إلى الأرض في كل يوم وليلة يحفظون اعمال أوساط أهل الأرض من ولد آدم والجن، فيكتبون أعمالهم ويعرجون بها إلى السماء قال:
فضج أهل السماء، معاصي أهل أوساط الأرض فتآمروا فيما بينهم مما يسمعون ويرون من افترائهم الكذب على الله تبارك وتعالى، وجرأتهم عليه، ونزهوا الله مما يقول فيه خلقه ويصفون، فقال طائفة من الملائكة: يا ربنا اما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك، ومما يصفون فيك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي وقد نهيتهم عنها؟ ثم أنت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك؟ قال أبو جعفر عليه السلام: فأحب الله ان يرى الملائكة القدرة ونفاذ امره في جميع خلقه، ويعرف الملائكة مامن به عليهم مما عدله عنهم من صنع خلقه، وما طبعهم عليه من الطاعة، وعصمهم من الذنوب.
قال: فأوحى الله إلى الملائكة ان انتدبوا (1) منكم ملكين حتى أهبطهما إلى الأرض، ثم اجعل فيهما من طبايع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلته في ولد آدم، ثم اختبرهما في الطاعة لي، قال: فندبوا لذلك هاروت وماروت وكانا من أشد الملائكة قولا في العيب لولد آدم واستيثار غضب الله عليهم، قال: فأوحى الله إليهما ان أهبطا إلى الأرض فقد جعلت فيكما من طبايع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلت في ولد آدم قال: ثم أوحى الله إليهما انظرا أن لا تشركا بي شيئا، ولا تقتلا النفس التي حرم الله، ولا تزنيا ولا تشربا الخمر، قال: ثم كشط (2) عن السماوات السبع ليريهما قدرته، ثم أهبطهما. إلى الأرض في صورة البشر ولباسهم: فهبطا ناحية بابل، فرفع لهما بناء مشرف فاقبلا نحوه فإذا بحضرته امرأة جميلة حسناء متزينة عطرة مقبلة نحوهما، قال: فلما نظرا إليها وناطقاها وتأملاها وقعت في قلوبهما موقعا شديدا موضع الشهوة التي جعلت فيهما، فرجعا إليها رجوع فتنة وخذلان وراوداها عن نفسها، فقالت